15 سبتمبر 2025

تسجيل

"الهامش هل يبرر المتن".. عندما غابت لبنان عن خارطة خانا

19 ديسمبر 2010

شدة الأنظار إلى الشاب اللبناني الذي قاطع بحدة المتحدث العالمي والمستشار الجيوسياسي في القوات الأميركية الخاصة في العراق وأفغانستان ومدير مبادرة الحكومة العالمية الدكتور " باراغ خانا " في الجلسة الأولى لمؤتمر مؤسسة الفكر العربي " فكر9 " في بيروت مؤخراً والتي كانت تحت عنوان " دور العرب في رسم مستقبلهم " عندما استعرض فيها المتحدث تصوراً لمستقبل الشرق الأوسط ودوله وضرورة تفعيل سبل التواصل بين دول وشعوب المنطقة في ظل واقع التقاطع الجيوسياسي في الحدود والموارد والسكان مبرزا بعض الرؤى والمقترحات العملية لرسم مستقبل للمنطقة مبني على التحالفات وتنمية الموارد الطبيعية وإمكانيات الطاقة العربية الضخمة في صوغ اللعبة العالمية كإنشاء السكك الحديدية البينية ومد أنابيب النفط واستبدال الحدود السياسية بها لتمتين التبادل الاقتصادي بينها وحفز رفاهية شعوبها مستخدما في عرضه خارطة غريبة للمنطقة وحدودها السياسية. وقد لازمت عموم حضور الجلسة كثافة من الاستغراب والدهشة طيلة عرض تلك الخارطة التي أستخدمها هذا الخبير الدولي المخضرم لغياب الدولة اللبنانية عنها بجبالها وسهولها وتاريخها الفينيقي العريق وملايين سُكانها ومغتربيها فلم تتم حتى الإشارة إلى لبنان البلد المضيف للمؤتمر أسوة بغيره من الدول في تلك الخارطة المُثيرة. فكان ذلك الشاب الذي لم أتبين أسمهُ أشجع الحضور وأسرعهم للتعبير عن حالة الحنق والاستغراب اللتين لازمتا معظم الحضور لهذا التغييب المرسوم الذي بررهُ المتحدث بخطأ الرسام الذي ساعدهُ في إعداد العرض مؤكداً آن تلك الحالة غير مقصودة منهُ أو من فريق عمله البتة وإنهُ أي " باراغ خانا "حسبما يقول لا يتوانى عن الإشارة في أحاديثه ورسوم عروضه الإيضاحية إلى دول أقل مساحة وأهمية من لبنان. ولكن هل الهامش يُفسرُ المتن دائماً.. كما في ثقافة التدوين والخطاب أم أنه يعطي دلالات أعمق وأوسع تُشرع أمام المتلقي مزيداً من التساؤلات المدعومة بالحيرة وعلامات التعجب والدهشة غالباً خاصة إذا كان المتحدث بحجم خانا وسيرته الذاتية المدعومة بالخبرات اللصيقة بالبيت الأبيض الأميركي وسياسته تجاه المنطقة وفي ظل ظروف لبنان البلد الشقيق الجميل الذي لا يزال يعيش مخاضاً سياسياً عسيراً كعادته ولوضعه المتأزم بفعل المحكمة الدولية بشأن اغتيال الرئيس الحريري الأب والتي أبقت تقسيم اللبنانيين ما بين أقلية وأكثرية وبين مؤيد ومعارض للمحكمة وقراراتها الظنية وملف شهود الزور التي ينشغل بها الشارع اللبناني كحديث يومي عاصف ومكثف بين طوائفه وأحزابه وبشكل يطغى على أثار عواصفه الجوية وشدتها التي واجهها لبنان مؤخراً بمجلس وزراء معطل بحثاً عن حلول توافقية جديدة ومحطة مواجهه تضمن للبلد المضي بعيداً عن الفتن والهواجس العاصفة بمسيرته وطموحات شعبه. وعودة لخارطة خانا المغلوطة التي غيبت لبنان من بين دول المنطقة واستفزت مشاعر الحضور من اللبنانيين أكثر من غيرهم بحثاً عن وطنهم ولعل ردة الفعل هذه التي صاحبت اللبنانيين من حضور الجلسة بكل ميولاتهم السياسية تؤكد أن سلامة لبنان وحضوره هدفاً للجميع مهما اختلفت رؤاهم وأطروحاتهم مابين أقلية وأكثرية. ولعلها كانت دعوة صريحة رغم تبطينها للبحث عن لبنان في قلوب أهله وحفزهم للبحث عن الوطن في دواخلهم لتجنيبه حالة التناحر والفرقة واللجوء إلى الحلول التوافقية وتعميق التفاهم ودعواته المتبناة من دول الوساطة السعودية وسوريا كمحور مدعم بثقة العالم ودوله المهتمة بالشأن اللبناني كـ قطر وفرنسا تحديداً. وقد تبدت خلال نهاية الأسبوع الماضي ملامح الطرح المتبادل للمقترحات والحلول بين فرقاء الأكثرية والأقلية مما ينبئ بان الأزمة قد بلغت ذروة المدى بحثا عن حل يرضي الجميع وينحى بالبلد بعيداً عن حافة التوتر والانزلاق نحو المجهول عودة إلى التناحر الداخلي والطائفي الذي عانى منه لبنان طويلاً واتخم تاريخه وحاضره بالثقيل من صور الدمار والتشتت وحضور الغير. عموماً نعول على كل اللبنانيين في هذه المرحلة الدقيقة ضرورة تحكيم العقل ورفع مصلحة لبنان فوق كل المصالح قبل آن يجر البلد إلى حالة من الانتحار وافتعال المواجهات مع جبهات خارجية تشغل المنطقة كافة وتعطل مشاريعها السياسية كاستخدام الجبهة الإسرائيلية واستفزازها كخط رجعة لبعض قوى البلد. فنحن ننتظر مع كل اللبنانيين سرعة الخروج من الأزمة حتى لا يغيب لبنان فعلاً كما خمن المتحدث الدولي خانا ولو بغير قصد. وأحيي في الشاب اللبناني المحتد غيرته على وطنه[email protected]