10 سبتمبر 2025

تسجيل

نشر الوعي بأهمية التفاوض مكسب حقيقي

19 نوفمبر 2018

إن التربية بحاجة إلى مواكبة التطور التكنولوجي وسهولة الحصول على المعلومات، فلم تعد الأساليب التقليدية في التربية من استخدام الأوامر والنواهي والتلقين والتهديد والتوجيهات المباشرة بشكل مستمر صالحة لهذا العصر المليء بالإثارة والتشويق عن طريق الوسائل الإلكترونية المتعددة التي تطرح الصالح والطالح. وأصبحنا نرى في مجتمعاتنا سلوكيات لم نكن نعهدها فمثلا نجد أن هناك شواهد في المجتمعات العربية تدل على استخدام العنف والقوة في حل المشكلات بدلا من الحوار والتفاهم. وبذلك أصبح القائمون على العملية التربوية من آباء وأمهات ومعلمين بحاجة ضرورية لتعديل أساليبهم وتطوير مهاراتهم التربوية بما يتناسب مع تطور العصر، فكما قال سيدنا عمر وسيدنا علي رضي الله عنهما «أدبوا أولادكم بغير أدبكم، فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم « فالذي يتمسك بالأساليب التقليدية كالذي يتمسك بثوب بال لا يصلح لزمانه. ومن ضمن الأساليب المهمة الحديثة في التربية استخدام المربين لمهارات التفاوض مع الأبناء في كافة المراحل العمرية بما يناسب طبيعة وخصائص كل مرحلة ونقصد بمهارات التفاوض « هي المهارات التي يستخدمها المربي لكي يصبح أكثر قدرة على التفاعل الناجح وإدارة الصراع والتواصل الإيجابي المستمر لتحقيق الأهداف التربوية بطريقة إيجابية ناجحة}. ويعتبر نشر الوعي بأهمية التفاوض مكسبا حقيقيا في بناء أجيال واسعة المدارك ومتعددة الخيارات وناضجة العقول ومتبنية للحوار الهادئ الإيجابي ومتقبلة للاختلافات باعتبارها أمرا طبيعيا يستطيع الفرد التعامل معه. قد يستغرق التفاوض المزيد من الوقت والجهد من قبل المربين ولكن نتائجه مثمرة على المدى البعيد ويساهم في بناء شخصية مستقلة سوية قادرة على تحمل تبعات أخطائها والتعامل الصحيح مع المشكلات بعكس الحلول السريعة التسكينية التقليدية وهي إظهار الغضب والتهديد والعقاب المستمر والتي تتعامل مع المشكلات بشكل مؤقت وتساهم في حلها ولكنها تؤثر على صحة الأبناء النفسية وقدرتهم على التواصل الناجح وحل مشكلاتهم الحياتية في المستقبل. يعتبر التفاوض موقفا مريحا لكل الأطراف حيث إنه يعتمد على تحديد ما يريده الشخص وما يريده الطرف الآخر وكذلك العمل على إرضاء الأطراف الأخرى بمعنى إشباع الحاجات بشكل متبادل والوصول إلى حلول مشتركة ترضي الجميع من خلال تبادل الحوار والمناقشات الهادئة. التفاوض أيضا عملية تعلم مستمرة مشتركة بين المربي والمتربي ويتطور وينمو بتطور العلاقة بينهما ويتم وفقا لمجموعة من المعايير:- - اتفاق المربي مع الأبناء على ما هو قابل للتفاوض وما هو غير ذلك وكل الأمور قابل للتفاوض ماعدا فيما يتعلق بالدين وصحتهم وسلامتهم الشخصية والمبادئ الأخلاقية السائدة في المجتمع. - تقديم الاختيارات والتركيز على الأهداف والمزايا ببدائل متعددة للوصول لنفس الهدف ووضع الاعتبار للاحتياجات والميول والاهتمامات. - السماح للأبناء بتقديم اقتراحات وبدائل من تفكيرهم والاستعداد لقبولها إذا كانت لا تتعارض مع ما هو قابل للتفاوض فمن المهم أن ينجح التفاوض لصالحهم أحيانا حتى يقتنعوا بأهميته. - عند وضع البدائل أمام الأبناء يحرص المربون أن تكون جميعها حسنة وموصلة للهدف ولا تضع أمامه البديل الحسن والسيئ وتأمل أن يختار الحسن فقط حتى لا يتصادموا معه أو يشعروه بعدم الجدية. - التقليل من كلمة «لا» في التفاوض وإذا اضطر المربون لاستخدام «لا» يستخدم معها كلمة «نعم» أكثر من مرة. - لابد أن يعرف الأبناء سبب استخدام كلمة «لا» وعدم الإكثار منها حتى لا تفقد قيمتها وتكون بحزم حتى لا يفقد الطفل الثقة بها. - الإقرار بالمشاعر وخصوصا المشاعر السلبية والتعاطف معها ومشاركتها يسهل من التفاوض. - وضع الحدود والقوانين بطريقة تعاونية إيجابية بعيدة عن التهديد والسيطرة وإشباع حاجة الأبناء بالقوة . - الحرص على الاتفاق لأن الاتفاق يشعر الأبناء بالمسؤولية ويساعدهم على التحكم في مشاعرهم. وأخيرا نختم بالمقولة الشهيرة لـ «ديل كارنجي» (اجعل عقلك متفتحا وقابلا للتغير طوال الوقت لأنه لا يمكنك التقدم دون مراجعة أفكارك وآرائك باستمرار) وتغيير السلوك يبدأ بتغيير الأفكار ثم المشاعر ثم الحواس التي تقوم بالسلوك وتتحول إلى عادات إيجابية.