11 سبتمبر 2025
تسجيلقبل أيام احتضنت العاصمة القطرية الدوحة حفل توزيع جوائز المنظمة الدولية للعلاقات العامة معبرة بذلك عن اهتمامات وانشغالات المسؤولين وصناع القرار والمهتمين بهذا المجال في دولة قطر الذي صبح الوسيلة الإستراتيجية للنجاح والتميز لأي منظمة أو مؤسسة. في العصر الذي نعيش فيه لا نستطيع الكلام عن تغيير وتطور ونمو وازدهار وتنمية مستدامة ورقي من دون الكلام عن فن الاتصال والتواصل وصناعة الصورة وإدارة السمعة. ففي عصر المجتمع الرقمي والهواتف الذكية لا تستطيع المنظمة أيا كانت أن تستغني عن العلاقات العامة وأن تستغني عن تواصلها الدائم والمستمر والهادف والمقنع مع جماهيرها عبر موقعها على الانترنيت وحسابها على تويتر وانستغرام وفيسبوك وواتس أب وغيرها كثير. الأمور تغيرت عما كانت عليه قبل عشرين سنة أو ثلاثين سنة. الفرد اليوم أصبح من خلال التقنية العالية المتوفرة في مجال الإعلام والاتصال والمعلوماتية يحصل على التفاصيل المملة عن أي سلعة أو خدمة في دقائق معدودات وبضغطة زر. السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل مؤسساتنا المختلفة في المجتمع وهل أفراد المجتمع يقومون بالاتصال بطريقة مهنية ومنظمة ومدروسة وهادفة؟ يرى علماء النفس والمختصون أن تصرف الإنسان مبني على الكم المعلوماتي والمعرفي الموجود لديه. فهل يمكننا أن نتكلم عن تغيير ونمو وتطور وتنمية مستدامة إذا لم نوفر المعلومة ونغير في أفكار ومعلومات وإدراكات وتصرفات أفراد المجتمع. سلوك الفرد لا يأتي من فراغ وإنما هو انعكاس لما يتوفر له من معلومات وبيانات وقناعات وفي الكثير من الأحيان تكون المعلومات غير متوفرة أو مضللة أو ناقصة ما يعني أن السلوك يكون خارج الإطار وفي غير صالح المنظمة والفرد. الكلام عن صناعة العلاقات العامة في الشرق الأوسط يقودنا لمراجعة أربعة عقود من الممارسة في الميدان ومن التعليم والتدريس والتأهيل الأكاديمي في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي وعاهد ومراكز التدريب والتكوين. العلاقات العامة كمهنة فرضت نفسها في جميع مجالات الحياة في الوطن العربي كما في العالم. فنجدها في السياسة والتجارة والاقتصاد والسياحة والطب والجيش والرياضة والتعليم والجمعيات الخيرية...الخ. والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل تمارس هذه المهنة بمهنية وحرفية وبجودة من أجل تحقيق الأهداف المرجوة منها أم أن هناك نقائص وتجاوزات واختراقات لأسس ومبادئ هذه المهنة. فالاحترافية والمهنية والتميز لها شروط ومقومات ومستلزمات رئيسة لا بد من وجودها وتوفرها كالتأهيل الأكاديمي والعلمي، والاعتراف بالمهنة وباستقلاليتها، ومواثيق أخلاقية، والمسؤولية الاجتماعية والنزاهة والالتزام. كما يتطلب التميز في العلاقات العامة الاعتراف بها من قبل الإدارة العليا للمنظمة ومن المجتمع ككل، من شروط نجاح العلاقات العامة كذلك الاتصال المتكافئ في اتجاهين ودرجة عالية من الرضا الوظيفي وقدرة معتبرة من الإدارة والتسيير والأخلاق والالتزام.أصبحت العلاقات العامة تلعب دورا إستراتيجيا في عملية التنمية المستدامة وفي حياة المنظمة بمختلف أشكالها سواء كانت حكومية أو خاصة، ربحية أو خدمية وسواء كانت تنشط في المجال الرياضي أو الثقافي أو الصناعي أو التجاري. وتكمن هذه الأهمية بالدرجة الأولى في مكانة الفرد عند المنظمة وفي المجتمع. فالفرد أصبح من حقه ومن واجبه أن يعرف ما يجري من حوله وما يجري داخل المنظمات والمؤسسات التي يتعامل معها. إضافة إلى ذلك أصبح الرأي العام يلعب دورا محوريا في المجتمع وهذا يعني ضرورة توفير المعلومة والاعتماد على هذه المعلومة في صناعة القرار. ومن أهم المشاكل التي تعاني منها العلاقات العامة في الوطن العربي انعدام التخطيط الإستراتيجي. فالتخطيط الإستراتيجي له شروطه ومبادئه وأسسه فهو يحتاج إلى كادر مؤهل وإلى إمكانات مادية معتبرة وإلى ثقافة تؤمن بالحاجة إلى المعلومات والإحصاءات والبيانات لصناعة القرار. كما يحتاج التخطيط في العلاقات العامة إلى منظمة تؤمن بالتخطيط وتؤمن بالشفافية وباحترام الفرد واحترام رأيه وفكره وحريته. وإذا غابت هذه المستلزمات والمعطيات فلا نستطيع أن نتكلم عن تخطيط إستراتيجي لجهاز العلاقات العامة.