17 سبتمبر 2025
تسجيلالشتاء له قيمة ومعنى وحكاية وفوائد وغنائم، فعرف السلف الصالح أنه ميدان التنافس، تنافس المحب والمقبل والمطيع لله سبحانه وتعالى، بدون رهبنة ولا تنطّع ولا إفراط ولا تفريط، فأخذوا من الدنيا حظهم وسعيهم، وفهموا حق الفهم الآية الكريمة (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)، وعلموا وعملوا بالآية الكريمة (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) إنه فقه الربانية والشمولية والتوازن في حركة الحياة، وفقه العبودية وفقه التوجه الصادق الصحيح الخالص له وحده سبحانه وتعالى.أما نحن فللأسف ولا نعمم — فشتاؤنا سهر من مجلس إلى مجلس فيما لا طائل ولا فائدة منه، ونوم متأخر حتى منتصف الليل مع الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي، وفي المقابل إذا سئل أحدهم متى تنام؟ قال الساعة الثامنة والنصف أو التاسعة مساءً، فيرد عليه مازحاً: أنت دجاجة تنام مبكراً.. وطبعاً السائل ينام متأخرا.وهنا نعيش ونتأمل أقوال الصحب الكرام رضي الله عنهم والأئمة الأعلام رحمهم الله عن الشتاء، قمة في الجمال والروعة تحثك على فعل الخير، وتشدك للدخول في ميدان التنافس معهم رحمهم الله، وتدفعك ليكون لك نصيب وأجور بإذن الله كما كان لهم نصيب.- قال الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه "الشتاء غنيمة العابدين".- قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه "مرحبًا بالشتاء، تنزل فيه البركة، ويطول فيه الليل للقيام، ويقصر فيه النهار للصيام".- وعن عبيد بن عمير رحمه الله أنّه كان إذا جاء الشتاء قال "يا أهل القرآن! طال ليلكم لقراءتكم فاقرؤوا، وقصر النهار لصيامكم فصوموا".- ومن كلام يحيى بن معاذ رحمه الله "الليل طويل فلا تقصّره بمنامك، والإسلام نقيٌّ فلا تدنّسه بآثامك".- وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله "إنّما كان الشتاء ربيعُ المؤمن؛ لأنّه يرتع في بساتين الطاعات، ويسرح في ميادين العبادات، وينزه قلبه في رياض الأعمال الميسرة فيه".- وقال الإمام الحسن البصري رحمه الله "نعم زمان المؤمن الشتاء، ليله طويل يقومه، ونهاره قصير يصومه". نعم أيها الموفق اجعل هذه الكلمات هدياً أمامك " والإسلام نقيٌّ فلا تدنّسه بآثامك".ومضةولنا أن نحضر ورقة وقلما ونرسم جدولا ونكتب فيه ما الفرق بين شتائنا وشتاؤهم؟ وبعد ذلك سيتبين لنا أن هناك فرقا كبيرا بيننا وبينهم، وبوناً شاسعاً بين حياتنا وحياتهم، وفجوة كبيرة بين ما يشغلنا ويشغلهم، وما ندّخره نحن وما يدخرونه هم.. ألا من يقظة..!