13 سبتمبر 2025
تسجيل«هذا رعب.. باريس تتعرض لسلسلة هجمات إرهابية غير مسبوقة»... بهذه الكلمات لخص الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الصدمة الإرهابية أو بالأحرى «العمل الحربي»، الذي عاشته باريس إثر تعرضها لاعتداءات غير مسبوقة ليل الجمعة ـ السبت، جرى التخطيط لها في الخارج، وتم تنفيذها بتواطؤ من قبل عناصر محلية. فعند الساعة العاشرة مساء الجمعة، توجهت سبع مجموعات مسلحة، في وقت واحد نحو أهدافها في باريس، نحو مطعم ومسرح في الدائرة العاشرة والدائرة الحادية عشرة، وبعض الجادات في قلب المدينة، ونحو ملعب «ستاد دو فرانس»، في ضاحية سان دوني القريبة..وأطلقت المجموعة الأولى النار على رواد مطعم كمبودي في شارع «اليبير» في الدائرة العاشرة، وهو شارع سياحي معروف يفضي إلى ساحة الباستيل، وتوجهت مجموعة ثانية من ثلاثة مسلحين، نحو مسرح «الباتاكلان»، وتسللت من الأبواب الخلفية وبدأت بإطلاق النار على رواد يتابعون عزف فرقة روك أمريكية. وأودت هذه الهجمات الإرهابية بحياة 140 شخصاً في آخر حصيلة رسمية فيما جرح نحو 300 آخرين جراءها، بينما أفادت الأجهزة الأمنية الفرنسية عن مقتل 8 إرهابيين من الذين شاركوا في هذه الاعتدءات.لقد تخطت هذه الوحشية الإرهابية في باريس مرحلة تاريخية، وهي من دون شك تأتي كردّ فعل مدروس ومخطط له بعناية على التدخل الفرنسي في الحرب ضد «تنظيم الدولة الإسلامية »-«داعش» في سوريا، لكن من دون إغفال أن الخطر الإرهابي أصبح متجذراً على الأرض الفرنسية. وكانت العاصمة الفرنسية، بل كل فرنساـ عاشت تحت وقع الصدمة، من جراء الهجوم الإرهابي الذي وقع يوم الأربعاء 7 يناير 2015 على مقر الصحيفة الأسبوعية المتخصصة في الرسوم الكاريكاتيرية «شارلي إيبدو»، الذي أودى بحياة 12 شخصاً، منهم 4 رسامي كاريكاتير، إضافة إلى 11جريحاً. وأظهرت الأحداث الدامية التي شهدتها فرنسا، مع بداية عام 2015 ولغاية الآن، قصور قدرات وكالات التجسس ومكافحة الإرهاب التي تملك، في كثير من الأحيان، معلومات عن الجناة مسيقاً، لكنها تعجز عن تجميع كل الخيوط إلى أن تسيل الدماء.. وقال بروس ريدل، وهو من كبار المحللين السابقين بوكالة المخابرات المركزية «السي أي إيه»، «المشكلة بالنسبة للمخابرات وأجهزة الأمن الفرنسية أن المواطنين الفرنسيين الذين ذهبوا إلى سوريا أو العراق أو غيرها للمشاركة في الجهاد ثم عادوا أكثر من أن يمكن متابعتهم جميعا على مدار 24 ساعة يوميا».. وأضاف ريدل، «إذا لم يخالفوا أي قوانين، فلا يمكن لأجهزة المخابرات في العالم الديمقراطي أن تلقي القبض عليهم أو تراقبك بصفة دائمة لمجرد أنك جهادي متعصب». متابعا، «المخابرات لن تتنبأ متى يتحول متعصب من شخص متشدد الفكر إلى إرهابي يؤمن بالعنف في أغلب الأحوال».ومما عقد الأمر سفر آلاف الأجانب للمشاركة في القتال في صفوف الجماعات الإسلامية المتشددة في سوريا، مثل تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، و«جبهة النصرة»، وبدأ كثير منهم يعودون الآن إلى أوطانهم بما اكتسبوه من خبرات قتالية... وعادة ما تظهر التحقيقات في أعقاب هجمات المتشددين أو محاولتهم شن هجمات أن وكالات التجسس كان لديها معلومات مسبقة كان من الممكن أن تشير إلى أن هؤلاء المشبوهين يمثلون خطرا وشيكا، لو أنه تم ربط خيوط المعلومات على النحو السليم.في ظل أجواء هذه الهجمات الإرهابية على باريس، يختلف المحللون الغربيون في توصيفهم لمضمون الموجة الحالية من الإرهاب الجديد، ولاسيما بشأن العلاقة الارتباطية بين الإرهاب والإسلام. فعلى الرغم من أن الإرهاب موجود في العديد من الدول، ويصيب بدرجة أو بأخرى العديد من الحضارات والثقافات، فإن بعض المفكرين الغربيين، يركزون على أن الإرهاب لا يمثل شكلا من أشكال الصراع الدولي، بقدر ما يمكن النظر إليه باعتباره حروب المسلمين، سواء فيما بينهم أو بينهم وبين غير المسلمين، وهي حروب قد تتطور إلى صدام كبير للحضارات بين الإسلام والغرب، أو بين الإسلام وبقية العالم. ولا تعود إلى طبيعة المعتقدات الإسلامية، وإنما تعود إلى السياسات والأوضاع العامة في العديد من الدول الإسلامية، مثل حالة الانبعاث الإسلامي، وتعرض الشعوب العربية والإسلامية للإهانات المتواصلة من قبل حكوماتها، ومن قبل القوى الاستعمارية الغربية والشرقية بتدخلاتها العسكرية في شؤونها، إضافة إلى وجود أكثر من 100مليون شاب عاطل عن العمل، وأكثر من 40 مليون أمي، وتزايد التدخلات العسكرية الغربية والشرقية في كل من العراق، وليبيا، وسوريا، والشعور بالظلم والامتعاض والحسد تجاه الغرب، والانقسامات الإثنية والطائفية والمذهبية في العالم العربي والإسلامي وارتفاع معدلات الولادة في معظم الدول الإسلامية، وعجز المجتمعات العربية- الإسلامية عن تحقيق إصلاحات داخلية جذرية.