27 أكتوبر 2025

تسجيل

الإرهاب مدان أيا ما كان الإرهابي !!

19 نوفمبر 2015

غني عن القول إن داعش مجرمة في حق الإسلام والعروبة وفي حق ثورات شعوبنا قبل أن تكون مجرمة في حق أي مدني في أي ركن من أركان العالم، ولا شك أن الخوض في مبرراتها الدينية والفقهية والعقدية ومناقشة منطقها لا يحمل قيمة أكثر من وضع الاهتمام في غير موضعه وتبديده في غير ذي قيمة.. إلا أن تنزيه الدين عن عفونات حقدهم وسطحيات بلههم قد يجعلنا في موطن آخر ومناسبة أخرى نتعرض لذلك وليس الآن..ولا يخفى ما في جريمتها في باريس من خدمة لأعداء الأمة وتشويه لمظلوميتها وتبرير لما تفعله وستفعله فرنسا وحلفاؤها الذين بدؤوا يعودون إلى منطقتنا بغزو عسكري همجي لا يقل فجاجة وظلما عن ذلك الذي ظننا أنه انتهى منذ أواسط القرن الماضي.. ولسنا اليوم في وارد لوم من يدينون جريمة من هذا القبيل فذلك ليس من الأدب في حق المصابين وأهالي الضحايا، كما أنه لا يبني منطقا سليما في التفاعل مع حقوق الإنسان التي جاء الإسلام ابتداء لتقريريها وصيانتها وإعطائها لونا واحدا عادلا قبل أن يتحدث عنها الغرب بمئات السنين وقبل أن يلونها الغرب بتلاوين الجغرافيا والعرقية والمذهبية كالذي نرى.. غير أننا نريد توسيع هذا التعاطف ليشمل جرائم أخرى أكبر من جريمة باريس شكلا وأعمق أثرا ومضمونا وأشد بشاعة إذا أخذنا الموضوع في إطاره الإنساني والأخلاقي العام ونظرناه ضمن الصورة الإجمالية لما يجري في أنحاء الأرض وبالأخص ما يقع علينا نحن العرب والمسلمين..بقدر ما يعجبنا ويبشرنا بخير أن يدين المجتمع الدولي اعتداءات داعش ضد الفرنسيين أو في تكسيرها تماثيل الموصل أو اعتدائها على الأزيديين والنصارى.. فإننا نود أن لا نرى تلك النحلة البائسة والرائحة القذرة التي تنطلق مع أنفاس من لا يرون ولا يستنكرون الاحتلال الصهيوني منذ سبعين سنة ولا يرون تناقضه مع كل الشرائع السماوية والأرضية وقرارات الأمم المتحدة، ونود أن نرى لمرة استنكارا لواحدة من الـ 150 مجزرة إرهابية مكتملة الأوصاف التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين واللبنانيين والمصريين والأردنيين والسوريين وغيرهم.. نريد أن نسمع هذا المجتمع الدولي ينبسّ ببنت شفة في رفض العدوان على المسجد الأقصى وأن يدين حرق البيوت وتدميرها والعقوبات الجماعية ومصادرة الأراضي والقوانين المشرعة استثناء لتدمير الناس وتهجيرهم وتدمير الطفولة والبنى الوطنية والثقافية للشعب الفلسطيني، وأن نرى مساعي جدية لرفع الحصار « الصهيوني - المصري « المتوالي منذ سبع سنوات على غزة بما يشهد العالم فظاعته وسجلت فيه إدانات رسمية وتقارير دولية معتمدة.. وإن من كلمة لوم نقولها على استحياء أمام جلال منظر الدماء الفرنسية ؛ فإننا نستهجن موقف أمريكا التي تشتد في التعاطف والتآزر ضد إرهاب داعش ولكنها تقبل بإرهاب « إسرائيل « وفي سبيل حمايته تستعمل الفيتو عشرات المرات في عشرات السنين ويصرح أكثر من رئيس أمريكي وهو الذي يمثل رأس الهرم السياسي الغربي بامتداح الكيان الصهيوني ويصفه بالديمقراطية الوحيدة في المنطقة ولا يترك مناسبة إلا ويعلن تعهد دولته بأنها ستحمي هذا الكيان من دون تردد وبكل الإمكانات. من الطبيعي أن يتعاطف المجتمع الدولي مع فرنسا في مقتل عشرات مواطنيها ضحية الإرهاب ونحن معهم في ذلك وليس لأحد أن يتمنن على فرنسا بذلك الحق إذ لا أغلى من الدماء إلا الدماء ؛ ولكننا ننتظر أن نرى هذا المجتمع الدولي يتعاطف مع من قتلهم وسحلهم وسجنهم الانقلاب الغاشم البليد على إخواننا المصريين وما صادره من حق المصريين في حياة وحرية كريمة وآدمية.. وأن لا يكافئه باستقبالات رسمية في عواصمهم بما يعزز نوازع الكراهية والإحساس بمرارة العزلة وتلاشي القيمة.. ومن الطبيعي بل الواجب الإنساني والأخلاقي أن يتآزر العالم لمنع أي جريمة ضد المدنيين فرنسيين أو غير فرنسيين ولكننا نأمل أن يتجاوز هذا التآزر إلى إخواننا المسلمين الأراكانيين في بورما الذين يتعرضون لعملية تطهير عرقي ممنهجة وعلنيه ورسمية تمارسها الدولة استمرارا لما مارسته كل النظم المتعاقبة وتقع منذ سبعين سنة كل عشر أو عشرين سنه (1942، 1962، 1978، 1988، 1991، والآن) وما جريمتهم إلا أنهم يقولون ربنا الله. آخر القول: ما أكثر من يدينون داعش – وحق لهم – غير أن الإرهاب يجب أن يدان في كل مكان بعيدا عن تلوينه بالجغرافيا والجنس والعرق كما يفعل الكذبة والأفاكون..