28 سبتمبر 2025
تسجيل"مما لا ينتطح فيه عنزان" إذ لا يختلف فيه اثنان أن اللانظام السوري قد وقع في "حيص بيص" بعد أن فقد كثيرا من زمام المبادرة وتهشم الكثير من أطراف أعضائه حتى وصل ذلك إلى القلب في العاصمة دمشق، ولا يزال الجيش الحر البطل عالي الهمة مرتفع المعنوية محققا على الأرض إنجازات تلو إنجازات من الانتصارات، ولا يزال الشعب الصامد رابط الجأش مؤمنا أن الحرب سجال ولم يعد يخامره أي شك في التقدم نحو التحرير ولو بعد حين، ذلك لأن دماء الشهداء لن تذهب هدرا وهي التي تصرخ في وجه طاغية دمشق وزبانيته إن دون انكسارهم خرط القتاد، وهنا وقد أجهد المبطلون ومن يدعمهم كان لابد من إعادة اللعبة في هذه الحلبة مع الكيان الصهيوني المؤيد الأكيد لإبقاء النظام الأسدي سابقا ولاحقا ولابد من الثبات على المحاولة لإنقاذ جزار سورية بالاتفاق معه في هذه الأيام بالذات للخبطة أوراق الثورة السورية ومنحه ولو فرصة أخيرة لإطالة عمر نظامه الدموي عساه بالتعاون معها تنقلب المعادلة لصالحه وتستطيع تأمين حدودها على الجولان حيث إن تسعين بالمائة من القرى والبلدات المحاذية لها قد أصبحت تحت سيطرة الجيش الحر، وهل ننسى قبل أسبوع كيف تدخلت المدفعية الصهيونية سريعا لقصف قوات من الجيش الحر كانت تحاصر قوات للأسد وتتفاوض معها على الاستسلام بهدف فك الحصار عنها، وقد علق نتنياهو رئيس وزراء العدو على ذلك بقوله: إن بلاده تواجه تحديا جديدا في سورية لقوى تابعة للجهاد العالمي وهي الأكثر عداء لإسرائيل، وثبت لكل مطلع متابع متجرد أن الموقف الإسرائيلي الفعلي في الدوائر الضيقة لصناعة القرار في النهاية وفيما ذهب إليه المحللون حتى الساعة هو تفضيل المراهنة على نظام بشار من أجل الأمن الإسرائيلي ولأنه أعلى ضمانا من أي نظام قادم، وقد ذكر العميد احتياط القائد الركن في شمال إسرائيل رافي نوي ليديعوت أحرنوت بتاريخ 13/11/2012 أن نظام الأسد أفضل من الثوار لهدوء جبهتنا أي وتوسيع المستوطنات وأن مصلحة إسرائيل هي أن يبقى الحكم العلوي في دمشق، صحيح أنه توجد نقطة واحدة تشكل بالنسبة لنا عقبة في نظام الأسد وهي الجسر الذي يستخدمه بين إيران وحزب الله ولكن الوضع يمكن أن يكون أسوأ بعد تغيير الحكم، إننا نعيش مع هذا النظام منذ عشرات السنين بنجاح وهدوء، وفي هذا الصدد يأتي أستاذ القانون الدولي وأحد مؤسسي مجلس شورى حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عضو البرلمان الألماني السابق "نورمان بيتش" ليقول باتصال هاتفي معه: إن مصلحة الكيان الصهيوني تكمن ببقاء بشار الأسد ونظامه على قيد الحياة لأن انتفاضة الشعب السوري مضرة بوجود هذا الكيان الذي يشعر بالخطر منذ الإطاحة بأنظمة مصر وتونس وليبيا ونجاح الإسلاميين في حكم بلادهم، ولذا فإن أعداء الثورة يتواصلون لرفع الضغوط الدولية عن دمشق وهو ما تعمل له إسرائيل، هكذا أفاد نورمان بيتش الذي كان ضمن أعضاء سفينة الحرية مرمرة التي كانت تريد فك الحصار عن غزة 31/ مايو 2010 وما قاله كان قد أكده وزير الخارجية الألماني السابق يوشكا فيشر من أن ما يجري في سوريا انتفاضة شعب من أجل حريته، وبما أن الأسد اليوم يريد الهروب إلى الأمام فعلا، فلماذا تتدخل إسرائيل لإنقاذه من خلال خدمة أهدافه ولتستمر الأزمة السورية لسنوات، وهي تدرك يقينا أن مخالب الأسد تتكسر أمام المقاومة الشعبية والجيش الحر، وكما يقول الأستاذ صبحي الحديدي فإن اندلاع أولى المواجهات العسكرية بين القوات السورية والمقاومة الشعبية في القرى المحاذية لإسرائيل خصوصا ريف القنيطرة، البريقة وبيرعجم التي لا يجوز للجيش السوري النظامي أن يستخدم فيها أي أسلحة، لكنه قصف بشدة وبمعدل قذيفة لكل دقيقة وبقيت إسرائيل ساكتة ما عدا طلقات وردود خلبية لذر الرماد في العيون، وتفسير ذلك واضح وهو أن هذه العملية تخدم إسرائيل ولذا فإنها قبلتها وتقبلتها لأن الصهاينة يعرفون أن الحقيقة حماية أمنهم وليس زعزعتهم.ولعل كلنا يعرف أن إسرائيل تريد الاستقرار والأمن في السلم والحرب ولأن هذا في تعهداتها مع نظام الأسد الأب والابن فإن ابن خال بشار رامي مخلوف أكد منذ 18 شهرا كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أنه إذا لم يتوافر استقرار هنا في سوريا فلا سبيل إلى الاستقرار في إسرائيل، وإسرائيل تعرف أنه إذا تآكل النظام الأسدي في البلاد فإن هذا سينتقل إلى هضبة الجولان فلا غرابة بعد ذلك أن يرسل وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك رسالة تسلم إلى بشار يحذره بفزاعة القاعدة ومقاتليها على الحدود وهذا ليس فيه أمان للأسد ولا لإسرائيل، وعلى هذا الضوء يفهم سيناريو المناوشات بين القوات السورية وجيش الاحتلال في الجولان وتطبخ الأمور لإخراجها بهذه المسرحية شأنها شأن عشرات المسرحيات التي أعدت وأخرجت في زمن حافظ وبشار، ولذا يرى الكاتب السياسي والمحلل الاستراتيجي اللواء أركان حرب عبد الحميد عمران "أن سيناريو نظام الأسد هو الاستمرار في افتعال الأزمات على الحدود تارة مع تركيا وأخرى مع الكيان الصهيوني المحتل كنوع من تصدير الأزمة وأقلمتها وهو السيناريو الأكثر قتامة". ولذلك ولمعرفة هذا الكيان بالحقيقة فإنه يسعني جاهدا إلى عدم سقوط الأسد إلا بعد الاطمئنان على خليفته ومن سيحمل راية الخيانة بعده وهذا ما أكده لافروف وزير الخارجية الروسي الخاضع للوبي الصهيوني في موسكو بعد لقائه مع وزراء مجلس التعاون الخليجي في الرياض من أن رحيل الأسد يعني المزيد من الدماء، وهو ما تبين أنه يصيب في الهدف نفسه عندما ذكر رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي السابق أفرايم هليفي في تصريح لإذاعة جيش الاحتلال أن التغيير في سوريا قد لا يكون لمصلحة إسرائيل وأن المرحلة المقبلة ليست بالضرورة ستكون باعثة على التفاؤل من نواح عديدة وستجلب المخاطر الكثيرة ومن الممكن أن تكون تبعات ما يجري صعبة على إسرائيل، ولذا هاجم نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الشؤون الإستراتيجية موشيه يعالون الربيع العربي وقال: إنه لن يجلب الديمقراطية إلى المنطقة. إننا نؤكد أن فزاعة الحرب مع إسرائيل واستخدام نظام الأسد هذه الورقة ما هي إلا لتخفيف الضغط الداخلي عليه من جهة ومحاولة اكتساب تعاطف شعوب الدول العربية والإسلامية وبالتالي الاستعداء على الجيش الحر المقاوم ضده، وأما في التعليق بالحرب على غزة هاشم التي كلما هدأت بدأت فنرى أن المجاهدين يسحقون العدوان فيها كما نراهم في دمشق بني أمية وهم يحطمون رأس خادم الصهيونية الأسدي، ويدفعون ضرائب ذلك من دمائهم وممتلكاتهم، ولكن هكذا تجري سنة الله في عباده، بيد أن الذي يثير الضحك والاشمئزاز هو ما تصرح به الحكومة السورية عبر إعلامها من أنها تدين المجازر الوحشية في غزة، أما هم فكأنه ليس عندهم أي مجازر في الماضي والحاضر، لقد تفاخر أحد الجنرالات الإسرائيليين حين قال: إن نسبة ما يقتل في غزة بسيط بالنسبة لما يقوم به بشار، وهنا علق بعض المنافقين بقوله: إن مجزرة ترتكب على يد طاغية عربي أهون من المجازر على يد الصهاينة، على أن بعض المحللين يذهب إلى أن المؤامرة كبيرة، من أهمها أن اللوبي الصهيوني المتعمق في المسألة السورية يريد أن يضرب غزة ويضعف مصر ويجرها إلى حرب مفاجئة ويصرف أنظار العالم عما يجري من مذابح يومية في سوريا تشيب لهولها الولدان، وهذا صحيح لمن عرف حقيقة نظام الأسد وخياناته العديدة ولكن يجب ألا ننسى أنه في الوقت الذي يصب فيه الحميم الحارق على أهلنا في غزة تصب براميل البارود الجهنمية على النساء والأطفال والشيوخ والأحرار في دمشق وسوريا، ولن نعجب من ذلك فالولد سر أبيه وما أشبه الليلة بالبارحة ففي الوقت الذي كان فيه مناحيم بيغن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق عام 1981 ووزير دفاعه شارون يضم الجولان إلى الاحتلال كان حافظ الأسد منشغلا بالمجازر البشعة ضد أهلنا في سوريا بجبل الزاوية وسرمدا وحلب وتدمر والعباسيين في دمشق، ولذا فإن الدم الغزاوي والفلسطيني والسوري واحد والهدف واحد والعدو واحد، وإن انتصار إخوتنا في غزة وانتصار الثورة السورية بات مسألة حتمية في بلاد الشام بعون الله وإن غدا لناظره قريب.