15 سبتمبر 2025

تسجيل

الموقف اللبناني في الجامعة العربية

19 نوفمبر 2011

لم يكن مفاجئاً موقف وزير الخارجية اللبنانية عدنان منصور في الجامعة العربية حين صوّت إلى جانب اليمن ضد قرار عربي بتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، وكي أكون أكثر وضوحاً فإن الأمر كان متوقعاً للمؤيد للحكومة الحالية والمعارض لها على السواء . وربما الأمر نفسه كان بالنسبة للدول العربية التي –على ما يبدو- لم تتفاجأ بالموقف اللبناني، وكان على علم مسبق به. لا شك أن موقف الحكومة اللبنانية أشعل سجالاً حادا في لبنان ما بين مؤيد للموقف وبين معارض له. وكل له رأيه ووجهة نظره وقد وجد خصوم ميقاتي ومعارضو حكومته في الموقف فرصة سانحة للنيل من ميقاتي وحكومته وإحراجها في الشارع في حين استمات مؤيدو الحكومة بالدفاع عن موقفها باحثين عن الأعذار المنطقية وغير المنطقية، الأمر الذي دفع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للتصريح عبر موقع تويتر في معرض ردّه على منتقديه: إن من السهل على السياسي أن يتخذ موقفاً شعبوياً يتناسب مع المزاج العام، لكن من الصعب وربما يحتاج إلى دراية ونضوج سياسي أن يتخذ موقفاً أكثر برغماتية للحفاظ على مصالح شعبه وبلده.. هذا على الصعيد الداخلي، أما على الصعيد الخارجي فقد بدأ ميقاتي سلسلة لقاءات مع سفراء الدول الغربية والعربية لشرح الموقف اللبناني الذي بدا وكأنه ضد الموقف العربي والدولي تجاه الأوضاع السورية. والموقف الحكومي اللبناني لا يقتصر الحرج فيه على موقفه في الجامعة العربية فحسب، بل يطال ملفات أخرى لا تقل تعقيدا وخطورة وهو يطال السيادة اللبنانية كتلك المرتبطة بخطف معارضين سوريين والحديث عن تورط لبناني بتسليم معارضين لسوريا بعد فرارهم إلى لبنان وغضّ النظر عن حماية وتوفير مخيمات للعائلات السورية الفارة من جحيم الصراع في الداخل، والضرب بعرض الحائط أو التغاضي عن كل النداءات الدولية للحكومة اللبنانية لتوفير الحماية والتعامل وفق القرارات الدولية مع اللاجئيين السوريين. وبالعودة لموقف الحكومة في الجامعة فإن السؤال الأهم: هل كان بإمكان الحكومة اللبنانية اتخاذ موقف آخر في الجامعة العربية؟ ربما الإجابة ستكون بالإجماع "لا" . ولو كان معارضو ومنتقدو الحكومة في السلطة حالياً لما اتخذوا موقفاً أكثر حدّة من موقف الحكومة الحالية. وهم حين كانوا في السلطة كانوا يتوددون للنظام السوري ربما أكثر مما يقوم به الرئيس ميقاتي على الصعيد الشخصي. وهذا لا يعني أن الرئيس ميقاتي يقف إلى جانب النظام السوري ظالماً ومظلوماً كما هو حال شأن بعض الأحزاب المشاركة في حكومته بقدر اجتهاده في مصلحة لبنان الذي يخضع لاعتبارات تاريخية وجغرافية وسياسية في تعاطيه مع الملف السوري تقوم على قاعدة كان رئيس الجمهورية ميشال سليمان قد حددها قبل يومين في تصريح له من مدينة طرابلس بأن لبنان لا يستطيع السير وسط حقل الألغام القائم حالياً بدون اعتماد "الحياد الإيجابي" أي تعايش لبنان مع الوضع في سوريا وكأن أمراً لم يكن وذلك خشية من ارتداد الوضع السوري على الوضع الهش في لبنان، وهناك جهات لا تألو جهدا لنقل هذا الصراع الى الداخل اللبناني لما فيه من مكاسب استراتيجية لها فيه. والمتأمل في كلام ميقاتي على تويتر يدرك أن ميقاتي يلمس امتعاضاً لسياسته في الشارع اللبناني، ليست في ساحته السنية فقط حيث يتعرض لضغط شديد من الطائفة التي تقف كلها لجانب المعارضة السورية، بل من أطياف شعبية أخرى ترى حكومته تثبت يوماً بعد يوم أنها ليست حكومة مستقلة بقدر ما هي خاضعة بشكل أو بآخر للقرار السوري أو لقرار حليفه في لبنان حزب الله.. ربما يريد الرئيس ميقاتي حماية لبنان، على قاعدة، أن لبنان بلد صغير وسوريا بالنسبة له الرئة التي يتنفس منها، وليس من مصلحة لبنان تحمل تكاليف إغضاب النظام السوري مهما كان تصوره لطبيعة الأحداث التي تجري في سوريا فاتخذ هذا القرار فضلاً عن أن الأركان الأساسية المشاركة في حكومة ميقاتي تتبنى وجهة نظر النظام السوري وتدافع عنها وتتطوع لها. أمام هذه الحالة، لا يجد الرئيس ميقاتي بداً من السير بهذا الخيار وإن سبب ذلك ضرراً على شعبيته أو هدد مستقبله السياسي في مدينته طرابلس . فهل خيارات الرئيس ميقاتي ومبررات حكومته ستشفق عليه في الاستحقاقات الانتخابية القادمة؟!