18 سبتمبر 2025

تسجيل

سالم الأنصاري رجل الثقافة والكرم الحاتمي

19 أكتوبر 2020

عرفت الوالد سالم بن حسن بن عبدالله الأنصاري (1936 - 2020) لأول مرة في ثمانينات القرن الماضي بحكم التصاقه بالسيد محمد بن يوسف آل ربيعة الكواري، والذي تقلد منصب عضو مجلس الشورى سابقا، وكان يتردد الانصاري عليه ويزوره في مجلسه العامر باستمرار ودون انقطاع، وقد بدأ الوالد سالم مشوار عمله الثقافي والتجاري عبر مكتبة الثقافة وانطلق قبلها للعمل في التجارة والمقاولات مع السيد محمد بن يوسف الكواري، واستمر هذا العمل لعقود طويلة فقد ظلت العلاقة بينهما وثيقة بفضل هذه الشراكة التي دامت لسنوات طويلة. سيرة ذاتية حافلة بالعطاء: ولد سالم الأنصاري حوالي عام 1936م على وجه التقريب، أما نسبه فينسب الى الجبور من بني خالد، والذين نزحوا لمدينة الزبارة في قطر من السعودية بعد حرب الغبيبة بين بني خالد حوالي عام 1081 هجرية، ويضيف أحد أبنائه قائلا عن سيرته: انه ترك العمل في مركب والده اثناء الغوص على اللؤلؤ وهو من نوع البوم ويسمى (منصور) بغرض التجارة ونقل البضائع عن طريق البحر، حيث جاب الخليج وأفريقيا في تلك الفترة، وقد كانت وفاة والده حسن الأنصاري عاد 1400 هجرية الموافق 1980م عن عمر زاد على الثمانين سنة تقريبا. أما عن زواجه وذريته فقد تزوج سالم الانصاري أربع مرات، منهن كريمة تاجر اللؤلؤ الشهير جاسم درويش فخرو المتوفى عام 1992م، وله عشر من البنات توفيت واحدة منهن، أما أولاده فهم: جمال وهو الابن البكر من مواليد 1956م - دكتور محمد - عبدالله - حسن - جاسم - ناصر، وله من الإخوة كل من: محمد - علي - أحمد - إسماعيل. وعمل الوالد سالم الأنصاري في الحكومة، حيث التحق بداية الأمر بدائرة المياه، ثم انتقل الى المحكمة الشرعية التي كان يديرها الشيخ أحمد بن حجر ال بوطامي البنعلي – رحمه الله – وهو مفتي قطر الأسبق وكانت وفاته عام 2002م. وترك الأنصاري عمله عام 1963م، ليتفرغ لعمل التجارة وشغله الخاص في مكتبة الثقافة. وكان ينافسه في ميدان المكتبات عميد الصحافة القطرية الراحل عبدالله حسين نعمة الذي أسس مكتبة التلميذ، ثم مكتبة العروبة، وانطلق بعدها لتأسيس مجلة العروبة 1970م وجريدة العرب 1972م حتى وفاته في سنة 1995م، كما كان سالم الأنصاري يمتلك مطبعة دار الثقافة التي سعى من خلالها الى نشر الكتاب رغم تحمله بعض الخسائر التي كان يتحملها من أجل نشر الثقافة رغم التحديات والصعوبات. اهتمامه بصلة الأرحام: ونشهد بأن الوالد سالم كان من خيرة أهل قطر، في الالتزام بصلة الأرحام والتواصل مع الجميع دون استثناء، سواء كان ذلك في الأعياد أو المناسبات الاجتماعية، ولا أتواجد في أحد المجالس القطرية الا وأراه أول الحضور للسلام على صاحب المجلس، وفي نفس الوقت كان مجلسه العامر في بيته الخاص لا يخلو من الزائرين له باستمرار بمنطقة ازغوى، حيث كانت له جلسة شبه يومية حتى أواخر حياته قبل المرض بفترة قصيرة عليه رحمة الله. وبخصوص أبرز أصدقاء سالم الأنصاري: فأغلبهم من أهالي مدينة الدوحة وما جاورها، ومنهم السيد محمد بن يوسف ال ربيعة الكواري شريكه في التجارة ورفيق دربه، بجانب كثير من أفراد قبيلة آل بوكوارة من العمران وال ربيعة والجواسم والمطاوعة وال الشيخ وال طوار وغيرهم، وله علاقة خاصة بسعادة الشيخ خالد بن حمد آل ثاني، وسعادة الشيخ علي بن سعود آل ثاني وسعادة الشيخ عويضة بن محمد آل ثاني وعموم آل ثاني الكرام، وكذلك من ال غراب من قبيلة ال مرة، وعبدالرحمن المناعي، ومن قبيلة الكعبان السيد ناصر بن راشد بن سريع الكعبي وأشقائه، وكذلك علاقته المستمرة مع الشيخ عبدالله بن زيد ال محمود وأولاده من بعده. بجانب الشيخ عبدالله إبراهيم الأنصاري وأولاده، والشيخ أحمد بن حجر وجماعته، والشيخ يوسف القرضاوي، ومن الوكرة الوجيه عبدالله عبدالغني وإخوته وأبناؤهم وراشد وعلي بن يوسف الخاطر وغيرهم من عموم الخاطر، وكذلك الدرويش من ال فخرو والنعمة وغيرهم من أهالي قطر الكرام. تأسيسه مكتبة الثقافة: أسس الفقيد العديد من المكتبات ودور النشر التي ساهمت في نشر ثقافة الكتاب والصحف والمجلات، ونالت مكتبة الثقافة التي تأسست حوالي عام 1963م شهرة واسعة التي تحول اسمها الى دار الثقافة، ولها عدة أفرع بمدينة الدوحة، حيث كانت تقع في سوق واقف أمام دوار البنك العربي، ولها أحد الأفرع في سوق الجبر، كما أسس المرحوم مكتبة المدارس في سوق الجبر أمام دوار الورود، وكذلك المكتبة العلمية في شارع الهندسة ومكتبة الأسرة في منطفة المنتزه التي افتتحها الشيخ عبدالله إبراهيم الأنصاري، وهذا هو التسلسل الزمني لتأسيس هذه المكتبات منذ الستينيات وحتى اليوم. وتعد دار الثقافة للطباعة والنشر والتوزيع رائدة دور النشر والتوزيع داخل دولة قطر، حين تخصصت خلال فترة التأسيس في طباعة ونشر الكتب والمؤلفات في شتى مجالات المغرفة والفكر، عندما ركزت على اهتمامات الأفراد والجامعات والهيئات والمؤسسات ومراكز البحوث داخل وخارج قطر. موسوعة رجال الأعمال القطريين: كتبت هذه الموسوعة نبذة مختصرة عن الفقيد سالم الانصاري قائلة: يتبوأ سالم بن حسن الأنصاري مكانة اجتماعية مرموقة بين الناس، ويحظى باحترام كبيرهم وصغيرهم، لما تميز به من صفات طيبة ومسيرة حسنة ودماثة خلق وتواضع وكرم ومجلس عامر بشكل دائم وتربطه بالمجتمع علاقات وثيقة مبنية على الاحترام المتبادل والثقة والمحبة في الله، بدأ حياة الاعمال جنبا الى جنب مع حياته الوظيفية في مطلع خمسينيات القرن الماضي، وواكب المشاريع التنموية الأولى في البلاد مثل مشروع مستشفى (ارميلة) والقيادة العامة المعروفة آنذاك بقلعة الشرطة، حيث عمل كمراقب للعمل والعمال في شركة الدرويش (درويش كات) ثم التحق بالمحاكم الشرعية التي ربطته بمؤسسها فضيلة الشيخ عبدالله بن زيد ال محمود ومساعده فضيلة الشيخ أحمد بن حجر صلة وثيقة، وتعتبر شركة المقاولات التي أسسها الأنصاري في منتصف الخمسينيات حاملة سجل المقاولين رقم (1) في دولة قطر رائدة في مجال المقاولات على مر السنين الماضية، حيث أنجزت خلالها العديد من المشاريع الهامة في مختلف انحاء البلاد، وتعد اليوم الشركة الأولى في تشييد بيوت الله بدولة قطر مثل جامع الشيخة روضة آل ثاني والذي يعد تحفة معمارية متميزة. وكذلك جامع عبدالله عبدالغني (خلف برج التويوتا) والعديد من المشاريع الأخرى مثل مركز المرأة لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة (العب) والمختبر المركزي، وغيرها من المشاريع. كما لم يقتصر دوره في التنمية العمرانية التي برع فيها بل قاده عشقه وايمانه بأهميتها في بناء الانسان والارتقاء بإنسانيته وتعزيز دوره الاجتماعي الى تأسيس أول دار لنشر الكتاب في قطر مع مطلع الستينيات لنشر ثقافة الفضيلة والقيم والعلم. ولتكون (دار الثقافة للطباعة والنشر والتوزيع) اليوم من أوليات دور النشر على المستوى الإقليمي، حيث نهضت بدورها في طباعة وتوزيع آلاف المراجع من التراث العربي والإسلامي داخل قطر وخارجها من خلال معارض الكتاب الدولية في مختلف الدول العربية، كما نظمت بشكل مستقل العديد من معارض الكتاب في دولة قطر وتعتبر الدار وكيل التوزيع للمطبوعات العربية الرئيسية، ويعتبر رئيس مجلس ادارتها السيد سالم الانصاري عضوا مؤسسا في اتحاد الموزعين العرب. وقد تعددت الأنشطة التجارية طوال مسيرة حياته لتشمل النشاط التجاري (الخدمات) الى جانب المقاولات، حيث تدير شركته خدمات رئيسية في مدينة مسيعيد ومدينة دخان، كما يعتبر شريكا مؤسسا للعديد من الأنشطة مثل الشركة القطرية الالكترونية ووكيل منتجات سانيو منذ حقبة السبعينيات حتى منتصف التسعينيات، وارتبط خلال حياته الحافلة بصلات وعلاقات وثيقة مع عدد كبير من الزعماء والشخصيات الهامة ورموز الدعوة والثقافة ورجال الاعمال من مختلف أقطار العالم الإسلامي. لقد حقق خلال مسيرة عمله العامرة بالجهد والعمل قصة نجاح فريدة، تعد نموذجا حيا لرجل ساهم بشكل فاعل في مسيرة البناء والتطوير التي تشهدها قطر، إضافة الى دوره الريادي في بناء الانسان وتنشئة الأجيال عبر نشر الثقافة والعلم في المجتمع. كلمة أخيرة: أقترح على وزارة الثقافة أن تقوم بتكريم الفقيد سالم الانصاري، الذي يعد من رموز الثقافة في البلاد، ومن أبرز المؤسسين لدور الطباعة والنشر، وكذلك من الذين ساهموا في نشر الكتاب على أوسع نطاق سواء كان محليا أو خارجيا. [email protected]