20 سبتمبر 2025

تسجيل

الاقتصاد المصري مازال بعيدا عن الإفلاس

19 أكتوبر 2011

تسببت التداعيات الاقتصادية السلبية للثورة المصرية، والمتمثلة في إغلاق عشرات المصانع وزيادة العجز بالموازنة، وانخفاض موارد النقد الأجنبي وتراجع الاحتياطيات من العملات الأجنبية، وضعف الإقراض المصرفي، في إطلاق البعض تحذيرات من أن مصر أصبحت على شفا الإفلاس. وعزز تلك المخاوف اضطراب الأوضاع الأمنية والصدامات التي حدثت بين الأقباط وقوات الجيش والشرطة، واستمرار الاحتجاجات الفئوية. والتي تعدت مرحلة الهتافات ورفع اللافتات إلى مرحلة احتجاز المسؤولين في مقار عملهم. وكانت أرصدة الاحتياطيات المصرية من العملات الأجنبية قد انخفضت من 36 مليار دولار بنهاية العام الماضي إلى 24 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضي. كما انخفضت موارد النقد الأجنبي داخل ميزان المدفوعات، خلال العام المالي الأخير والمنتهي في يونيو الماضي إلى 64 مليار دولار مقابل 5ر72 مليار دولار بالعام المالي الأسبق. وأعلن عدد من المناطق الصناعية عن إغلاق عشرات المصانع بها بمناطق: برج العرب والسادس من أكتوبر والعاشر من رمضان والسادات وشبرا الخيمة والمحلة الكبرى ودمياط وسوهاج. كما انخفض معدل النمو للناتج المحلي الإجمالي إلى 9ر1 % بالعام المالي الأخير مقابل 1ر5 % بالعام الأسبق، وانخفضت إيرادات الموازنة العامة خلال العام المالي الأخير إلى 296 مليار جنيه مقابل 303 مليارات جنيه بالعام المالي الأسبق، وارتفعت معدلات البطالة وانخفض مؤشر الثقة في الاقتصاد. وزادت قيمة الدين الخارجي المصري إلى حوالي 35 مليار دولار، كما زادت قيمة الدين العام المحلي إلى تريليون و45 مليار جنيه في يونيو الماضي. وانخفضت الاستثمارات المنفذة. وتراجعت أسعار وقيم التعامل بالبورصة حتى أن عددا من شركات الوساطة أغلقت بعض فروعها بالأقاليم. لكن العدد الأكثر من الخبراء يرون أن مصر مازالت بعيدة عن الإفلاس نظرا لعوامل عديدة، أبرزها أن الإفلاس يأتي نتيجة العجز عن سداد أعباء الدين الخارجي، بينما تشير بيانات البنك المركزي المصري إلى بلوغ أعباء الدين الخارجي بالعام المالي الأخير 8ر2 مليار دولار، موزعة مابين 1ر2 مليار دولار للأقساط و636 مليونا لفوائد الدين الخارجي. ويزيد الطمأنينة أن نسبة الدين الخارجي قصير الأجل إلى إجمالي الدين الخارجي تقل عن نسبة 8 %، بما يعني تفوق نصيب الدين متوسط وطويل الأجل والممتد حتى عام 2050. كما تقل نسبة خدمة الدين الخارجي إلى قيمة الصادرات السلعية والخدمية إلى 7ر5 % فقط. والأمر نفسه مع تراجع قيمة الاحتياطات من النقد الأجنبي إلى 24 مليار دولار، والتي مازالت تغطي واردات سلعية لنحو ستة أشهر وهي فترة مناسبة. ومن العوامل الإيجابية أيضا أن عددا من موارد النقد الأجنبي قد زادت قيمتها خلال العام المالي الأخير عن العام المالي الأسبق، وأبرزها الصادرات السلعية غير البترولية والصادرات البترولية والغازية، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج وقناة السويس وحصيلة خدمات النقل، وعلى الجانب الآخر فقد تراجع معدل زيادة الواردات السلعية. وإذا كانت السياحة قد تأثرت بشدة فإنها لم تتوقف تماما. وإن كانت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر قد تراجعت نتيجة صدور أحكام باسترداد شركات وأصول تم بيعها مسبقا.إلا أن الحكومة وعدت بالقيام بتسويات مع المستثمرين المتضررين. كذلك استقرار المؤشرات المصرفية حيث زادت أرصدة الودائع والقروض والاستثمارات ورؤوس أموال البنوك حتى يوليو الماضي، عما كانت عليه في نهاية العام الماضي، كما شهدت أصول البنوك انخفاضا محدودا. أيضا ظل سعر صرف الجنيه المصري تجاه العملات الأجنبية مستقرا، رغم ما يحدث به من تذبذبات مع تصاعد اضطراب الأوضاع الأمنية، لكنه ما يلبث أن يعود إلى الاستقرار، مع تدخل البنك المركزي من خلال ما لديه من احتياطيات من العملات الأجنبية. واستمر النشاط الاقتصادي حيث استمرت الصادرات السلعية، واستمرت كثير من إيرادات الموازنة خاصة ضرائب الدخل وضرائب المبيعات والضرائب الجمركية والدمغة. كذلك استمرار المنح الخارجية خاصة من السعودية وقطر والإمارات. كما أصبح الباب مفتوحا للاقتراض من صندوق النقد الدولي للإسهام في سد العجز بالموازنة. والذي يعتمد حاليا بشكل كبير على التمويل المحلي خاصة من البنوك، بما يؤدي لمزاحمة القطاع الحكومي للقطاع الخاص في الاقتراض المصرفي. ويضاف إلى كل ذلك وجود قطاع اقتصادي ضخم يمثل الاقتصاد الموازي غير المسجل، يقدره البعض بنحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي يساعد في إنتاج السلع والخدمات ويستوعب ملايين العاملين، بما يعوض جزئيا تراجع معدلات النمو بالاقتصاد المسجل. ولعل إعلان التوقيتات الزمنية للانتخابات البرلمانية، أحد الشواهد لتحقيق تقدم على المشهد السياسي، بما يؤدي إلى حكومة منتخبة ويفضي بعدها إلى انتخابات رئاسية، بما يعني عودة الحياة المدنية مرة أخرى.