20 سبتمبر 2025
تسجيليعاني النظام الرأسمالي من مشاكل جدية تهدد استمراره ليس فقط بأشكاله الحالية وإنما كنظام أساسي وربما وحيد منذ سقوط الشيوعية مع زوال الاتحاد السوفياتي. لماذا هذه المعاناة وهل السقوط حتمي وأين تكمن زوايا المعالجة للنواقص بل للشواذ الذي ميزه منذ سنوات وبين فترات وأخرى؟. هل تكمن المشكلة في المبادئ الممارسة منذ قرون ووضعها في أطر علمية "أدام سميث" في كتابه "ثروات الأمم" الصادر في سنة 1776؟ هل تكمن المشكلة في المبادئ المرتكزة على المنافسة وحرية العرض والطلب وبالتالي تحديد أسعار متوازنة ترضي العارضين كما ترضي الطالبين؟ هل تكمن المشكلة في مبدأ تحقيق النتائج الفضلى للمستهلك كما للمستثمر أي رفع المنافع للأول والأرباح للثاني؟ هل تكمن المشكلة في دور الدولة في الاقتصاد أي الحد الأدنى منه حتى يستطيع عملاء الاقتصاد التحرك بسهولة لمصلحة النمو والتطور؟ هل ينتج النظام الرأسمالي نتائج فضلى وما هي النواقص وهل هنالك أنظمة بديلة تحقق المصلحة العامة؟ يمر الاقتصاد الرأسمالي كل عشر سنوات في أزمات خانقة بعضها إقليمية والأخرى دولية. أزمة اليوم التي بدأت في سنة 2007 هي في غاية الدقة والجدية والخطورة. ماذا حصل؟ هنالك اليوم حوالي 14 مليون عاطل عن العمل في الولايات المتحدة والمواطنون يتظاهرون دوريا قرب معقل الأسواق أي بورصة "وول ستريت". هنالك إمكانية جدية لعودة الركود أو النمو السلبي إلى أمريكا مما يسبب ارتفاعا جديدا في البطالة ستسقط أي آمل في التجديد للرئيس أوباما في سنة 2012. مشروع الرئيس الأمريكي لضخ 447 مليار دولار في الأسواق لتخفيف البطالة سقط في الكونغرس ربما لعدم اقتناع أعضائه بجدوى المحاولات التي فشلت حتى اليوم وأضافت إلى عجز الموازنة. من المؤشرات السلبية المقلقة هي أن المصارف المسببة الرئيسية للأزمة تستفيد من التسهيلات المقدمة لها من المصرف المركزي لزيادة أرباحها ومنافع مدرائها وليس للإقراض دعما للاستثمارات. تعاني أوروبا أيضا من أزمات كبرى لا تقتصر على الدين العام وإنما تتخطاها لتصل إلى مستويات النمو والتنمية والبطالة. تنعكس الأزمات على صحة اليورو الذي يحتاج إلى تدخل الألمان للإنقاذ بين فترة وأخرى. يقول الألمان إن اليورو وجد ليس لأسباب اقتصادية وليس حتى لأسباب سياسية وإنما للحفاظ على السلم بل السلام في القارة القديمة. في سنة 1998 أي أشهر قليلة قبل اعتماد اليورو كنقد موحد، حصلت اجتماعات وندوات عدة في كل أوروبا حول النقد الجديد. يومها الوزير الأمريكي "جورج شولتز" المتخصص في الاقتصاد قال للمستشار الألماني "هلموت كول" إنه لا يمكن لليورو أن ينجح دون مؤسسات مالية وسياسية موحدة. أجابه كول بأن القرار اتخذ وعلى الاقتصاديين وخبراء المال إنجاحه لمصلحة أوروبا الواحدة. هنالك العديد من التساؤلات اليوم خاصة من قبل المستشارين الألمان السابقين حول تصرفات المستشارة "أنجيلا ميركل" التي يصفونها بالمترددة والبطيئة ويطلبون منها التدخل بسرعة لمساعدة دول الجنوب وإنقاذ اليورو. هنالك إحصائيات دقيقة تشير إلى تحول القوة الاقتصادية الدولية تدريجيا من الغرب إلى الشرق، وما يتبعه من تغير في الأدوار والأفضليات والامتيازات في المواقع الاقتصادية كما السياسية ما فيه مجلس الأمن. في فترة 2001 / 2011، نمت الدول النامية والناشئة بنسب أعلى بكثير من الدول الصناعية. ارتفع الناتج الفردي خلال الفترة المذكورة بنسب سنوية قدرها 1,8% في الولايات المتحدة، 1,3% في بريطانيا، 1,1% من دول الوحدة النقدية، 0,6% في اليابان مقابل 10,6% في الصين، 8% في الهند، 3,9% في البرازيل، 4,7% في روسيا و4,9% لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. تملك الدول الناشئة اليوم ما يعادل 6,5 ألف مليار دولار من الاحتياطي النقدي مقابل 3,2 ألف مليار للدول الغنية. ما زال الدولار الأمريكي الأكثر استعمالا في التبادل النقدي الدولي قبل اليورو وثم الين والليرة البريطانية. أما الصقور الناشئة الأربعة الأساسية، فلم تعان كثيرا من الأزمة باستثناء روسيا التي تقع في المرتبة 154 في مؤشر الفساد العالمي مقابل المراتب 87 للهند و78 للصين وال 69 للبرازيل. يعتبر الفساد أهم عائق في وجه التطور الروسي الذي يمتد من قطاع الأعمال إلى السياسة. هل يشكل هذا التحول البطيء والأكيد ضمانة للاقتصاد الدولي بحيث يصبح أكثر استقرارا وتخف التقلبات الخطرة؟ ليس هنالك ما يؤكد على ذلك إذ إن الدول القوية الجديدة ليست مستقرة في داخلها لأسباب عدة مما يشير إلى احتمال تحقيق خضات أخرى بأشكال مختلفة في المستقبل القريب.