11 سبتمبر 2025
تسجيلإن دراسة اللغة العربية هي خير السبل لمعرفة الشخصية العربية في خطوطها وملامحها وسماتها خلال العصور، وهي السبيل إلى المتميز بين الجوهر الأصيل الثابت والعرض الطارئ المتبدل من هذه الشخصية، وقد كانت اللغة العربية عبر التاريخ مسايرة لشخصية الأمة العربية، تقوى إذا قويت وتضعف إن ضعفت، وكان انهزامها دوماً أمام اللغات الأخرى وانحطاطها إلى درك العامية مظهراً من مظاهر انهزام الشخصية العربية وانحطاطها، كما كان بعثها بفكرة القضاء على العربية بترجيح العامية أو اللغات الأجنبية عليها، أو إغراقها بسيل من الألفاظ والتعابير الدخيلة الغربية.وإن أشد ما يلفت النظر أن القرآن الذي جاءت صيغة الخطاب فيه في جميع المواطن والمجالات، إنسانية عامة لم يخاطب بها قبيلة أو قوماً، قد وصف نفسه بكونه عربيا في مواطن كثيرة:قال تعالى: (إنا جعلناه قرآنا عربيا)، (أوحينا إليك قرآنا عربيا)، (قرآنا عربيا غير ذي عوج)، (إنا أنزلناه قرآنا عربيا)، (لسانا عربيا)، (قرآنا عربيا لقوم يعلمون)، (أنزلناه حكما عربيا)، (بلسان عربي مبين)، (فإنما بشرناه بلسانك).ولذلك غدت العربية – وهي لسان الأمة العربية – لغة تحمل رسالة إنسانية بمفاهيمها وأفكارها، واستطاعت أن تكون لغة حضارة إنسانية واسعة اشتركت فيها أمم شتى، كان العرب نواتها الأساسية والموجهين لسفينتها، اعتبروها جميعاً لغة حضارتهم وثقافتهم، فاستطاعت أن تكون لغة الحقائق الرياضية والطبيعية، ولغة الحكم والتشريع ولغة التجارة والعمل، ولغة الفلسفة والمنطق، ولغة الروح بما فيها من أدق الخواطر وأرق الأحاسيس والعواطف، ولغة الأدب والفن.بالله التوفيق.