31 أكتوبر 2025

تسجيل

اللاجئون السوريون في تركيا

19 سبتمبر 2015

لم تكن دول الاتحاد الأوروبي لتهتم كثيراً لوجود مليوني لاجئ سوري على الأراضي التركية لولا تدفق بضعة آلاف منهم إلى أوروبا بطرق غير شرعية. دقت دول أوروبا جرس الإنذار، وكشفت عن مكنوناتها المكبوتة تجاه الإرث التاريخي في الصراع الإسلامي المسيحي، وما تلاه من حقبات استعمارية. وقامت الدنيا ولم تقعد خوفاً على الهوية المسيحية لأوروبا أو قلقا من تفكك دول الاتحاد وحرصا على الرفاهية للمواطن الأوروبي إذا ما استقبل بضعة آلاف ضاقت بهم الأرض. سهام الاتهام وجهت لتركيا بأنها تسهل مرور اللاجئين عبر أراضيها إلى دول الاتحاد، وهي التي أنفقت على اللاجئين السوريين ما يقارب 6 مليارات دولار، لم تتجاوز مساهمة المساعدات الدولية فيها 3 في المائة. كما أنها تُعتبر البلد الأبرز بين دول المنطقة في استقبال ومساعدة اللاجئين بشكل عام حيث قارب المليونين عدد اللاجئين السوريين الموجودين على أراضيها وهو أعلى من أي عدد موجود في بلد عربي آخر باستثناء لبنان. وفي الوقت الذي كانت تقل فيه أعداد اللاجئين السوريين في تونس ومصر والأردن ودول الخليج كان العدد يزداد في تركيا. وبحسب إحصائية لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين فإن أعداد اللاجئين السوريين في تركيا قفزت بأكثر من 200 ألف شخص منذ يونيو الفائت مقارنة بزيادة بلغت 14 ألفا فقط خلال الثلاثة أشهر السابقة على ذلك.تقول تركيا إنها حاولت أن توفر ما تستطيع من إمكانات لهؤلاء اللاجئين لكن صعوبات داخلية وخارجية حالت دون ذلك. والمدقق بإنصاف في وضع اللاجئين السوريين يرى أن جملة صعوبات وتحديات تواجه هؤلاء منها: تكاثر مافيات التهريب، مافيات التجارة بالأعضاء البشرية، مافيات النصب لسرقة أموال الراغبين بالهجرة، نمو الارتياب التركي من اللاجئين السوريين مع تزايد الضغط الاقتصادي، الاضطرابات الأمنية المتزايدة في تركيا الناتجة عن الصراع مع حزب العمال الكردستاني، تواجد السوريين الباحثين عن العمل بكثرة دفعهم للقبول بمرتبات قليلة مقارنة مع ما كان يتلقاه المواطن التركي، مما أدى إلى خفض الأجور، وزاد من نقمة شريحة واسعة من الأتراك على اللاجئين. يضاف لذلك تعامل الأحزاب السياسية مع ملف السوريين كقضية سياسية داخلية وليست إنسانية. فأحزاب المعارضة كحزب "الشعب الجمهوري" وحزب "الحركة القومية" حاولت استخدام ذلك بجعل الهجوم على السوريين جزءاً من حملاتها الانتخابية.والسؤال المطروح لماذا زادت نسبة الهجرة من تركيا إلى أوروبا؟ وهل للدولة التركية دور في هذا الموضوع؟ الهجرة سرا من تركيا سببه الأكبر أن اللاجئين الذين قدموا إلى تركيا اتخذوها محطة عبور إلى أوروبا. واللاجئ السوري إلى أوروبا يبحث عن الرفاهية وليس الأمن على حد قول رئيس الحكومة المجرية.تركيا بعد أن أغلقت بوابتها الحدودية بوجه القادمين من سوريا وشددت التدابير الأمنية على حدودها، إثر إعلان الحرب على تنظيم داعش، بدأت بالتخلي عن التشديدات الأمنية تجاه تسلل السوريين نحو أوروبا على ما يقول منتقدوها، وباتت تتبنى سياسة الأبواب المفتوحة لكن نحو أوروبا. فهي لا تملك الحق بمنع أي لاجئ من مغادرة أراضيها، فكيف إذا كان يفرّ سراً بعيداً عن أعين السلطات؟ وهي تبحث دائماً على ضرورة إقدام المجتمع الدولي، وعلى رأسه الاتحاد الأوروبي على الخطوات اللازمة لتقاسم عبء أكثر من مليوني لاجئ سوري وعراقي في تركيا.تركيا قلقة من أن يكون الغرب يبيت النية لاستنزافها عبر إغراقها باللاجئين من دول الجوار في الوقت الذي يتأفف من استقبال 150 ألف لاجئ فقط. لا شك أن أردوغان يريد أن يوظف ملف اللاجئين سياسياً بما يصب في رؤيته للقضاء على هذه الظاهرة. وهو أمر لا يخفيه، حيث قال في خطابه الأخير: إن حل مشكلة اللاجئين لا يمكن أن يكون عبر إغلاق الباب بوجههم أو وضع الأسلاك الشائكة على الحدود.. إنما حل القضية السورية يكمن في إسقاط نظام الأسد واستبداله بحكومة تحترم إرادة الشعب وواقع المنطقة، مكرراً عرض اقتراح رفضه الغرب لإقامة منطقة عازلة في شمال سوريا لإيواء النازحين من أجل تقديم المساعدة في بلدهم لأولئك الذين يقرعون أبواب أوروبا.