14 سبتمبر 2025

تسجيل

حدث كبير ينتظر الساحة الفلسطينية !!

19 سبتمبر 2013

على طرفي خريطة الحالة الفلسطينية اليوم بدأ يرتسم خطان استراتيجيان يحصران داخلهما كل الوقائع والمتوقعات، ويمكن اعتبارهما مقدمتين لحدث كبير بدأت تلوح معالمه.. الخطان هما (انحشار سياسي) فلسطيني، وعجز القيادة المتنفذة عن التحرك والفعل خارج نطاق مرادات ومعادلات الاحتلال..  هذان الخطان يشكلان حصارا على الحالة الفلسطينية، ويعتبران في التشخيص الاستراتيجي مقدمتين ضروريتين لانطلاق الانتفاضة الثالثة المنتظرة، والتي يتوقع أن تجتاح في طريقها كل حالة التهرؤ والتوهان السياسي الذي تتلبط به تلك القيادة.. أعتقد أنه لم يبق دونها - بالقياس على الانتفاضتين السابقتين (1987، 2000) - إلا شرارة الانطلاق أو حدث البداية، الذي قد يكون عدوانا مصريا على المقاومة في غزة، أو بلوغ الحصار المشدد عليها حدا لا يمكن الصبر عليه، أو إعلان فشل المفاوضات الجارية، أو دخول الصهاينة للمسجد الأقصى، أو اقتطاع بعضه، أو - ربما أقل من ذلك – مجرد حدث أمني من العدو.. وكل ذلك ممكن وبات قاب قوسين أو أدنى ..  لنتذكر الانتفاضتين السابقتين 1987 و2000 ولنرصد ما قلناه عن المقدمتين وحدث الانطلاق فيهما.. في الانتفاضة الأولى بدأ (الانسداد السياسي) قبل خمس سنوات منها؛ وتحديدا في 1982 وخروج قوات المنظمة من بيروت وتفرقها في الشتات، وانشغالها بأمور ليس أهمها (وربما ليس منها) الثورة، وتجلى (عجز القيادة الفلسطينية) في بعدها عن الوطن ماديا ومعنويا، واجترارها حديثا أشبه بالغمغمة والوشوشة عن فكرة المؤتمر الدولي للسلام.. فجاء حدث الانطلاق عندما تعمد قائد شاحنة صهيوني دهس مجموعة من العمال الفلسطينيين.  وفي الانتفاضة الثانية (انتفاضة بيت المقدس) كان (الانسداد السياسي) بعد أن انتهت المرحلة الانتقالية ومفاوضاتها الماراثونية، متجاوزة الأمد الموعود بسنتين بعد الخمس المتفق عليها في أوسلو دون الوصول لشيء، وساد شعور عام وعارم بالفشل.. وتجلى (عجز القيادة الرسمية) بعد دخولها القفص الصهيوني، وأضحت من دون بدائل ولا هوامش، مع اضطرارها لمواصلة عملية تسوية خاسرة والتغطي بمفردات إعلامية مبتذلة.. فاكتملت مرة أخرى مقدمتا الانتفاضة (الانسداد السياسي، وفقدان الثقة في القيادة) فجاء حدث الانطلاق يوم دخل "شارون" إلى المسجد الأقصى.. وأقول:  إذا كانت الانتفاضتان السابقتان قد انتهتا – مع كل الأسف - إلى سلطة حكم ذاتي داخل القفص الصهيوني في الأولى، وإلى انقلاب القيادة الفلسطينية على ذاتها ثم الانقسام ثم اللاشيء في الثانية، فإن منطق الاستفادة من التجارب يقول: إن الانتفاضة الثالثة ستنطلق (في وقت قريب أو بعيد) وستحمل أملا بالخروج عن كل المألوف والمعهود، ولا يتوقع أن تسرق أو تحتوى كسابقتيها؛ لن تسرق باتفاقيات ثنائية مع العدو "كأوسلو"، والشعب الفلسطيني لن يسلم انتفاضته وحصائله السياسية للعدو قبل إنجاز التحرير ذاته وتقريره على أرض الواقع؛ فقد عرف الاتفاقيات الثنائية، وخبر الوسطاء والرعاة العاجزين والمنحازين.. ولن تسرق بقتل زعيم معتصم بمبادئه كما حدث في الانتفاضة الثانية لأبي عمار؛ فلا أبا عمار بعد الأول، ولا تمسكا بالثوابت أو تمنعا عن التنازلات من التالين الضعفاء والمتشاكسين الأقران والأنداد، فتغيير أحدهم لن يكون حدثا لافتا ولا استثنائيا يقف الشعب الفلسطيني أو يغير اتجاهاته عنده.. الانتفاضة القادمة لن تحتوي بالقوة العسكرية كما يخططون أو يتوهمون ؛ فإن كان عدوانا مصريا على غزة – ولا نتمناه لمصر قبل أن لا نتمناه لغزة – فالأكيد أن المقاومة والناس لن يكونوا خرافا تدوسهم دبابات السيسي كما فعلت بالشعب المصري، ولكنها المقاومة، و(الدم الذي يستدعي الدم) وستكون محرقة للجيش المترهل منذ ثلاثين سنة، ومزيدا من أسباب الانتفاض والمقاومة لا أسباب الخمود والسكون.. وأما في الضفة فالطرف المعتدي هو (إسرائيل) جهارا نهارا، ومعادلة المقاومة ضد الاحتلال واضحة صريحة بينة لا لبس فيها ولا تشويش عليها.. بما يزيد حراجة موقف السلطة أولا، وبما يستثير الناس للمواجهة ثانيا.  آخر القول: الانتفاضة الثالثة قادمة، وقد اكتملت مقدمتاها، ولم يبق إلا حدث الانطلاق.. الذي يؤجج النار تحت الرماد.. ولئن انطلقت فإن كل الحيل والمناورات السياسية التي استخدمت في الالتفاف على سابقتيها لن تنفع في ثنيها أو سرقتها، وستتجاوز السلطة وقيادتها والانقسام ومترتباته وعملية التسوية وتهرؤاتها (ويومئذ يفرح المؤمنون، بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم).