17 سبتمبر 2025

تسجيل

ما هكذا تورد الإبل يا شعوب

19 سبتمبر 2012

وما أن تَطاول عصبة سيئة حاقدة من الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحمة للعالمين وخاتم الأنبياء والمرسلين، حتى هبت الشعوب الإسلامية والعربية وفي بقية دول العالم دفاعاً عنه والوقوف أمام كل من يريد المساس بمقدسات الأمة وتدنيسها بأي طريقة، أو بأي وسيلة من الوسائل، والقول لهم: إننا موجودون لم نمت، ولم تمت ضمائرنا وقلوبنا ومحبتنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك القول لهم: قفوا عند حدودكم. ولكن لنا وقفات متناثرة عند هذا الحدث: الوقفة الأولى: ظاهرة العنف في الاحتجاج، ظاهرة مرَضية تحتاج إلى علاج واستئصال، وزرع مكانه ظاهرة قيمية إيجابية وهي سلمية الاحتجاج دون قتل واعتداء وإتلاف الممتلكات العامة للدولة، أو تعطيل لمصالح الناس أو غير ذلك، أو الاعتداء على سفارات الدول وجرح وقتل من فيها، ما هذا؟ أهذا احتجاج؟ هذا لا يرضاه عاقل ولا يقره دين، ولا أصحاب الفطر السليمة المستقيمة. لنجعلها احتجاجات ووسائل عملية ذات مردود إيجابي، ومتميز لهؤلاء القوم، فعسى أن يخرج منهم من يعبد الله ويكون بعد ذلك سفيراً لهذا الدين الخالد فأين منظماتنا ومؤسساتنا؟. الوقفة الثانية: أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم لن تكون هذه هجمتهم الأخيرة بل ستتبعها هجمات وتَطاول وإهانات تترى، ولن تقف عند هذا الحد، بل ستزيد على الإسلام ونبينا صلى الله عليه وسلم من الأعداء التي فسدت طباعهم وتردت أخلاقهم، هذا إذا كان عندهم أخلاق وخلاق من قيم ومبادئ، وامتلأت قلوبهم بالأحقاد والضغائن: "وما تخفي صدورهم أكبر". الوقفة الثالثة: أن يعمل العقلاء والنخبة، وفي مقدمتهم العلماء والدعاة وكذلك الشعوب على تفويت أي فرصة على مثيري الفتن وزرع الكراهية والوقيعة، ووغر الصدور من أبناء البلد بكافة أطيافه الدينية، وخاصة بين المسلمين وغيرهم، وهذا هو همهم الأول والأخير. الوقفة الرابعة: على المنظمات والمؤسسات والسفارات العربية والإسلامية تقديم رسائل احتجاج ومذكرات ودعاوى قانونية وقضائية ضد كل من يسيء إلى الإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم، بل وعلى جميع الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام وثوابته ومبادئه، وإقامة شراكة مع المؤسسات والمنظمات الغربية للحماية والحفاظ، وعدم التطاول والإهانة على المعتقدات الإسلامية، ولنكن أقوياء صرحاء في الاحتجاج وفي الطرح والحجة، ولنسِر على منهج الاعتدال والوسطية وربانية العمل، وما أجمله من منهج. الوقفة الخامسة: هناك تساؤلات مشروعة: * هل سمعتم أن مسلماً تطاول أو استهزأ أو سخر من موسى عليه السلام؟ أو بعيسى عليه السلام؟. * هل قرأتم أن مسلماً امتهن كتبهم المحرفة؟ * هل سمعتم وقرأتم أن مسلماً سب أو شتم حتى من هم عبدة الأصنام والأوثان؟ * هل شاهدتم يوماً أن مخرجاً مسلماً سينمائيا أخرج مسلسلاً أو فيلماً يستهزئ بمعتقداتهم أو برموزهم؟ * الوقفة السادسة: نحن أمة علمنا وهذبنا وربانا ديننا ورسولنا صلى الله عليه وسلم كيف نحترم الآخرين؟ وأن لا نتعدى على ديانات ولا معتقدات الآخرين، لا في السلم ولا في الحرب "كنتم خير أمة أخرجت للناس" وهذه التربية وهذا التوجيه ليس عن ضعف واستكانة. * الوقفة السابعة: علينا أن ننشر ثقافة الاحتجاج السلمي بين العرب والمسلمين بكافة أفرادهم، وعلى العلماء والدعاة والمثقفين واجب إشاعة هذه الثقافة السلمية الاحتجاجية: لا فوضى ولا اعتداء ولا تطاول ولا صراخ ولا عويل ولا هدم وتكسير وتخريب، ولا هتك أستار الأمن بكافة جوانبه ولا الإخلال بالنظام العام. الوقفة الأخيرة: قال الله تعالى "إنا كفيناك المستهزئين". قال العلامة الشيخ عبدالرحمن بن السعدي رحمه الله: "بك وبما جئت به، وهذا وعدُ من الله لرسوله ألا يضره المستهزئون، وأن يكفيه الله إياهم بما شاء من أنواع العقوبة، وقد فعل الله — تعالى — فإنه ما تظاهر أحدٌ بالاستهزاء برسوله صلى الله عليه وسلم ألاّ أهلكه الله وقتله شر قتلة". "ومضة" يا ناطح الجبل العالي ليثلمه.. أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل.