13 سبتمبر 2025

تسجيل

لماذا لا يبحث العالم الإسلامي عن مخرج؟

19 أغسطس 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); دعونا نضع خريطة أمامنا، ننظر من خلالها إلى جغرافيا البلاد الإسلامية.. سنرى كم هي الجروح غائرة في شمال إفريقيا، في ليبيا والجزائر وتونس ومصر. فيما نجا المغرب من تلك الاضطراب في آخر لحظة، إلا أن ذلك لا يعني أنه لم يتعرض إلى هزَّة. لا تحملونا على الذهاب من شمال إفريقيا نحو الصحراء الكبرى، لأن حال الدول الإسلامية الموجودة في تلك المنطقة، كان دائمًا يدعو للحزن والأسف، فدول مثل السودان والصومال ونيجيريا وإثيوبيا وغيرها، عانت كثيرًا من الجوع والإرهاب، فيما تواجه دول جنوب الصحراء تحديات وتعاني من آلام تنوء بحملها الجبال. الشرق الأوسط بات يشكل "حزامًا من نار" دعونا نتجه نحو الشرق الأوسط، هل تعتقدون أن هنالك بلدا ما في المنطقة كان بمنأى عن نار الحرب الدائرة في سوريا؟، العراق، لبنان، اليمن، المملكة العربية السعودية، تركيا، إيران، كل هذه البلدان أصيبت بحروق من الدرجة الأولى. فيما أصيبت الأردن والبحرين وباقي دول الخليج بحروق من الدرجة الثانية. وباختصار، إن الشرق الأوسط تحول إلى رقعة من نار، يحرق كل من يقترب منه. دعونا نذهب نحو آسيا، سنجد أن باكستان وأفغانستان وبنغلاديش يعانون من عدم الاستقرار السياسي والإرهاب والأزمات الاقتصادية. وإلى الشمال، نجد الجمهوريات التركية المسلمة (تركمانستان وكازاخستان وأوزبكستان وقرغيزيا) إضافة إلى طاجيكستان، انطوت أكثر على نفسها، وابتعدت أكثر عن الديمقراطية واحترام الحريات، وارتمت أكثر في أحضان النفوذ الروسي. أما الآلام والمآسي التي تشهدها المناطق الإسلامية في كل من تركمنستان الشرقية وميانمار، فلا أعتقد أنها خافية على أحد، وأعتقد أن ماليزيا وإندونيسيا، اللتين تقفان على مرمى حجر من تلك المناطق المنكوبة، تتصدران قائمة البلاد التي تعاني من القدر الأقل من المشاكل، إلا أنهما وعلى ما يبدو، قد قطعا الأواصر التي تربطهما مع العالم الإسلامي، حيث يعملان على الخروج من الجغرافيا السياسية الآسيوية، وتعميق علاقاتهما مع الولايات المتحدة. كم بلد مسلم من أصل 63 بلدا يعاني من المشاكل؟ أعتقد أن 4 أو 5 بلدان مسلمة من أصل 63 بلدًا، لا تعاني من انتشار الفوضى والمشاكل المزمنة، أما ما تبقى من البلدان، فهي تعاني من مشاكل متجذرة، يأتي على رأسها الحرب والإرهاب وعدم الاستقرار السياسي والأزمة الاقتصادية والجوع. ومن الملاحظ أن الحروب والإرهاب يتفشى بين الدول الإسلامية، فيما لا نلاحظ وجود أي نوع من تلك الحروب أو المشاكل أو الصراعات بين تلك الدول من جهة، والدول الغربية أو المسيحية. وبناء على ذلك، فإن العالم الإسلامي الذي يئن تحت وطأة الجهل والتخلف والفقر، يشهد أيضًا حالة تجذر عميقة للفوضى والاضطرابات والأزمات الاقتصادية، حيث اتسعت الهوة الاقتصادية مع الغرب، حتى بات من الصعب إجراء مقارنة بين الطرفين، ففي الوقت الذي يبلغ فيه حجم دخل الفرد السنوي في بنغلاديش نحو 1300 دولار أمريكي، يتجاوز حجم دخل الفرد السنوي في الولايات المتحدة وألمانيا عتبة الـ 60 ألف دولار، إلا أن المقارنة بين الدول الغربية والإسلامية تصبح أكثر إثارة للخوف، عندما تتناول مجالات التكنولوجيا والتمدن والتطور الحضاري. لماذا لا يتم البحث عن حل؟ سؤالي هو: ما الذي نقوم بفعله من أجل تغيير هذا الوضع الخطير، أو إيقافه، والتخلص من حالة الفوضى العارمة؟، هل هنالك مشاريع يتم العمل عليها على مستوى الدولة؟ هل تعمل منظمة التعاون الإسلامي على مشروع محدد في سبيل ذلك؟، هل تقوم الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي، أو أي من المنظمات بالعمل على مشروع منقذ؟. أنا شخصيًا لا أعتقد ذلك، كما أستطيع القول إن العالم الإسلامي يعيش أكبر حالة فوضى شهدها في تاريخه بعد الحرب العالمية الأولى، إلا أن أحدًا لا يقدم على اتخاذ أي خطوة على طريق إجراء حراك مشترك، يهدف لإنقاذ المنطقة من هذا الوضع. الغرب راضٍ عن حالة الفوضى التي نعيشها إن الغرب راضٍ أقسى درجات الرضى عن هذا الوضع الذي نعيشه، فغرق البلدان الإسلامية في أتون الحرب والإرهاب، يعني بيع الغرب للمزيد من السلاح ورفع حجم صادراته في جميع المجالات. نحن نشهد في هذه الأيام أوقاتًا تعيش فيها إسرائيل حياة رغيدةً خاليةً من المتاعب، فيما يواصل الغرب حياته بكل سلاسة وسلام دون أن يشهد أي حوادث إرهابية تذكر، أما الحروب والإرهاب والفوضى والتخبط والمعاناة والألم، فكلها تجري ضمن حدود البلدان الإسلامية، في الوقت الذي لا يرغب فيه الغرب، بوضع حدّ لتلك المآسي، طالما كانت لا تمس أمنه ولا تضر باقتصاده. لكن السؤال يكمن في السبب الذي يدفع الدول الإسلامية نحو لعب دور المتفرج، وعدم بلورة مواقف موحدة ومشاريع عملية تطفئ هذا الحريق، الذي سيلتهمنا جميعًا؟. لماذا لا يقوم أحد باتخاذ أي خطوة إزاء هذا الحريق الذي يتوسع نطاقه في كل يوم أكثر وأكثر، والذي سيلتهم الجميع تاركًا وراءه أكوامًا وأكوامًا من الرماد؟ كأن العالم الإسلامي أيضًا لا يريد أن يجد مخرجًا، فتصرفاته كلها تدعو إلى الاعتقاد بذلك. ولعل هذه الأسئلة تنطبق أيضًا على الدول والحكومات والمؤسسات الدولية، والسياسيين، كذلك يمكن توجيهها للمثقفين والعلماء وقادة الرأي.. وهذا ما سنناقشه في الأسبوع المقبل، إن شاء الله.