31 أكتوبر 2025

تسجيل

آل مقداد تعيد قانون الغاب وتكشف ستار الحزب

19 أغسطس 2012

في الثلث الأول من ليلة الخميس الماضي لم يكن الستار قد أسدل بعد عن وثيقة قرارات المؤتمر الاستثنائي لقمة التضامن الإسلامي التي التأمت في خير البقاع " مكة المكرمة " ليلة القدر الرمضانية المباركة. وفي تلك الأثناء كانت ثلة من رجال قبيلة المقداد في بيروت يرسمون للعالم حدثاً جديداً يعاكس معايير حضارة اليوم حيث كان قانون الغاب حاضراً في تلك اللحظات وكان خطف الأبرياء والتهديد المدجج بالسلاح هو ديدن تلك الحالة القبلية الغريبة التي تعاصر ثقافة اليوم وعولمته في بلد ظل مساحة للحرية ووجهة للثقافة من مختلف حضارات الدنيا وشعوبها. وحقيقة كانت صورة الحدث مقلوبة قسرياً أو هكذا تبدو عندما سنحت الظروف المحيطة للقبلية بالظهور وتصدر المشهد لفرض أجندة جديدة تخالف حياد الدولة اللبنانية وتُحرج مواقفها مع دول الخليج تحديداً عندما استهدف التهديد والخطف رعايا تلك الدول وسفاراتي السعودية وقطر في لبنان وفي صورة توسع من مجرد المطالبة القبلية المرتبطة بالمعتقلين من أبنائها لتفرض محوراً جديداً في النزاع حول المواقف من أحداث سوريا البلد الجار والشقيق الصعب للبنان وفقاً لتاريخ العلاقات وتداخلها بين البلدين. فقد سحبت الأحداث السورية لبنان إلى حافة فكي النكاشة في ظروف كان الشريك والذراع المباشر لسوريا في لبنان " حزب الله " يحتضر بعسكرته وأيدلوجياته تبعا للحالة في الشام الصديق الداعم لمواقف الحزب واستمرارية تسلحه تحت غطاء المقاومة وبعض التحرشات المصطنعة ضد العدو الإسرائيلي لمجرد إعطاء الحزب وآلته الحربية المشروعية في الاستمرار والبقاء ضمن المشهد السياسي بل العام في لبنان وربما كان الاستمرار والتسلح المكثف وقلب الصور من قبل الحزب أدُخر لساعة مثل تلك التي يواجهها النظام السوري الآن بيد أن المشروعية الكاملة لتدخل الحزب الصريح في الأحداث وخوض المعارك جنباً إلى جنب مع الشبيحة وجنود النظام كان يحتاج إلى مبرر قوي ومدخلاً مشروعاً لم تحققه الخطب الحماسية ومحاولات استمالة الرأي التي اعتاد أن يقوم بها قادة الحزب ضمن مهمة التحشيد " فتحقق الهدف باعتقال أبن قبيلة المقداد ضمن شبيحة الأسد " وأعطى الحزب للقبيلة المشروعية ليظهر التحالف جليا ليلة الخميس وفي صورته الغريبة التي أعادت إلى الأذهان تحالفات القبائل وغزواتها دون أن يكون للقبيلة أدنى خجل من مشاركة أحد أفرادها في جرائم القتل والاغتصاب المستمرة في الشام سوى أن التعبئة نحو الحدث لم تكن عفوية أو مسكونة بأقل معالم الإنسانية فظهر شباب القبيلة الملثمين والمدججين بالسلاح ليعلنوا حضورهم ليس دفاعاً عن فرد منهم بل ليعلنوا حرباً أوسع للدفاع عن الأسد ونظامه باعتبارهم ذراع عسكري " لحزب الله " حتى وإن برر الموقف بخروجه عن السيطرة حسب السيد " نصر الله " وهو ما يكشف حقيقة زيف مؤامرة الحزب التاريخية ضد لبنان أولاً وضد الحرية والعدل وهو ما يكشف أيضاً عن ارتزاق الحزب ومحسوبيته الدائمة وولائه للطائفة فقط دون الولاء للوطن وأرضه ومواقفه تجاه ما يجري حوله من أحداث وهو ما جعل الدولة اللبنانية في حرج شديد أمام العالم أجمع وتحديداً السعودية وقطر من دول الخليج التي ظلت عوناً دائماً للبنان في محنه وأزماته السياسية المتعددة والمعقدة. فليس بعيد عن الأذهان مباحثات الدوحة التي جاءت بالرئيس سليمان إلى سدة الرئاسة وقبلها مؤتمر الطائف الذي وثق اتفاقاً بين الفصائل هناك للملمة البلاد بعد الانفلات السياسي والأمني هناك فيما قبل 1988م. عموماً كان مؤتمر مكة منعقداً يحضره قادة أغلب الدول الإسلامية للبحث عن صيغ تحلحل الأوضاع في بؤر الصراع الإسلامية فإذا الأخوة في الحزب وباسم القبلية يتجاهلون كل حرمة ويوقدون فتنة جديدة تصرف الأنظار عما يجري في الشام. بل ويعيدون لبنان إلى سنوات الانفلات والتدهور. فهل في ذلك من توافق مع مبدأ أو ضمير أو حتى مع الشعارات المعلنة للحزب سوى أن الأحداث كشفت أنه مجرد ميليشيا مؤدلجة لا تتوافق مع فكر الوطن وفكر الأمة عموماً ولذلك كان الحزب يعاند ويعادي دائماً من يقلل من مشروعية سلاحه فقد كان ولاؤه محسوباً للغير في وطن ظل وسيظل رمزا للحرية وسيكون كذلك دائماً حيث تعد عملية المقداد كآخر خربشات القط.