26 أكتوبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تنفس المحبون للحرية والديمقراطية، لا في تركيا وحدها وإنما في العالم كله، الصعداء وهم يشاهدون الانقلاب العسكري يلفظ أنفاسه الأخيرة مع خيوط الفجر الأولى من صباح السبت السادس عشر من يوليو الجاري لتبدأ تركيا يوما جديدا وعصرا جديدا أصبح فيه الشعب لا غيره حاميا للدستور والحرية والديمقراطية. أسباب فشل الانقلاب العسكري عديدة، لكن أهمها على الإطلاق الشعب، فهو كلمة السر. الشعب التركي عانى سنوات طوال من الانقلابات العسكرية والحكومات المتعاقبة، فخلال نحو 78 عاما تعاقبت على حكم تركيا 57 حكومة، وقد أخفقت جميعها في حل مشكلات البلاد، الأمر الذي جعل البلاد ترزح تحت وطأة الدَّين المحلي والأجنبي والعجوزات الكبيرة والبطالة والتضخم وتدني مستوى المعيشة إلى أن وصل حزب العدالة والتنمية إلى الحكم من خلال انتخابات حرة ونزيهة فأدار البلاد نحو 14 عاما متصلة فحقق في خمس سنوات معدل نمو متميز وصل إلى (7.24%) خلال السنوات الخمس الأولى من (2002 إلى 2007) وفي العامين (2010 و2011) سجل الاقتصاد التركي نموًا سنويًا بمعدل 8.5 في المائة ليصبح ثاني أسرع اقتصاد نموًا في العالم، بعد الصين وتضاعف نصيب الفرد من الدخل القومي حتى اقترب من 11 ألف دولار للفرد، كما تضاعف الناتج المحلي الإجمالي عدة مرات وارتفع حجم الصادرات من 33 مليار دولار سنة 2002 إلى 152 مليار دولار عام 2012. ويسعى حزب العدالة والتنمية إلى بلوغ صادرات بقيمة 500 مليار دولار وناتج محلي إجمالي بقيمة 2 تريليون دولار بحلول عام 2023 في الذكرى المئوية للجمهورية وباختصار فقد نعم الشعب التركي بالأمن والأمان والاستقرار في هذا العهد بعد سنوات طوال من الاضطرابات والإخفاقات حتى روّعه انقلاب يوم الجمعة، فهب ليدافع عن حريته واستقراره ومكتسباته فرفض الوقوف موقف المتفرج والمساهمة في هذه الجريمة النكراء وانحاز إلى جانب الديمقراطية والحرية والشرعية وخرج إلى الميادين متصديا للانقلاب، ومانحا الأمل لشعوب المنطقة والترياق للربيع العربي الذي حاولت قوى الظلام قتله قبل أن يبلغ أهدافه. وتعد شجاعة الرئيس أردوغان وعودته إلى إسطنبول وليس أنقره ثم حديثه من خلال الجوال عبر خدمة سكايب محرضا الجماهير على الخروج إلى الشوارع والميادين للتصدي للانقلاب ــ نقطة تحول مهمة وبداية حقيقية لانهيار الانقلاب وتهافته، كما كان لتماسك قيادات حزب العدالة والتنمية ودعوتهم الجماهير للدفاع عن الديمقراطية دور في إفشال الانقلاب الذي كان مدبرا بعناية في الداخل التركي ومدعوما من الخارج من قوى دولية عديدة وبرز من بين هذه القيادات دور عبد الله غول وأحمد داوود أوغلو ودور رئيس الوزراء بن على يلدريم الذي تعامل مع الموقف بقوة وشجاعة ومسؤولية، أما أحزاب المعارضة فقد أسهمت هي الأخرى في إفشال الانقلاب حين تصدت له انطلاقا من إدراكها أن الانقلاب مؤامرة عليها تستهدف إعادة التاريخ إلى الوراء وإدخال تركيا في نفق مظلم وقد ساوى كمال كليجدار أوغلو زعيم الحزب الجمهوري بين الانقلاب والإرهاب وقال "إن تركيا تعرضت للخراب بالانقلابات، ولا نريد أن نمر بالمشاكل نفسها وسنحمي جمهوريتنا وديمقراطيتنا ونحافظ على التزامنا بالإرادة الحرة لمواطنينا.. ويجب أن نقف موقفًا مشتركًا ضد الانقلاب كما نقف موقفا مشتركا ضد الإرهاب". وأعلن دولت بهتشلي زعيم حزب الحركة القومية وقوف حزبه إلى جانب الشعب والديمقراطية ورفض الانقلاب، وبالمثل فقد خرج الأكراد في جنوب البلاد رافضين الانقلاب وأعلى الجميع مصالح تركيا العليا وسلامتها فوق الاعتبارات الأخرى فأثبت الجميع أن الانتماء للوطن ينبغي أن يعلو فوق أي انتماء آخر. وأن الاصطفاف إلى جانب الديمقراطية هو خير وسيلة لحماية الوطن واستقراره وازدهاره.