19 سبتمبر 2025
تسجيليشهد التاريخ أنه ما من حضارة إلا وكان خلفها تجمع حول إيمان بفكرة سماوية الأصل كانت أو أرضية، توقد جذوة السعي الجاد لتحقيق ما تدعوا إليه في أرض الواقع صعوداً في مدارج الرقي والسيادة، والتاريخ يشهد ـ كذلك ـ أنه ما من حضارة بادت إلا بعد أن أعملت معاول الفرقة في عملها وبعدت عن أصل الفكرة التي ألهمت الجيل الأول الطاقة الروحية للبناء، فتفرقت الكلمة، وتعددت الزعامات، واختلفت الدعوات، فحقت عليها سنَّة الله• وبناء الحضارة من جديد يقتضي أن يعرف المجتمع المسلم دوره الحضاري ، و يعرف أن عزه و شهوده بين الأمم إنما يكون بمعانقة كتاب الله و ملازمة أحكامه ، وينهض بالقرآن و شريعة القرآن على أكمل وجه ، عبر مؤسسات فاعلة في تخصصاتها ، تتقاطع في مجالاتها لكنها تتحد في أهدافها الكلية وغاياتها النهائية، تماماً كاللوحة الجميلة تختلف ألوانها وتتقاطع خطوطها لكنها تتكامل فيما بينها لتعطي الشكل النهائي المرجو.والخصائص الحضارية للأمة الإسلامية التي تؤهلها للريادة ، تظل أطروحات نظرية لا نصيب لها في أرض الواقع إن لم تُفعّل، فالنص الخالد الذي هو القرآن الكريم والهدي النبوي ليسا إلا خطاباً موجهاً للمسلمين، وحال الأمة لا يُصلَح بالوجود المجرد لهذا الخطاب بل يُصلَح بقدر ما تستجيب الأمة لهذا الخطاب استلهاماً وفهماً وعملاً وتطبيقاً، فمشكلة الحضارة الإسلامية ليست في غياب النصوص الهادية والخصائص المبلغة بقدر ما هي في تجسيد هذه النصوص في أمة تحملها وتنفذها .