01 نوفمبر 2025

تسجيل

رسائل نزار وأشعاره.. هل تفهم في"قمعستان" ؟

19 يونيو 2011

نزار كان مسكونا بالتغيير وينشد الحرية والسير إلى الأمام ولو فوق الصخرالكتابة عمل انقلابي "هكذا قال نزار قباني مبكرا عندما أراد أن يجمع بعضا من كتاباته النثرية في كتاب تحت هذا العنوان عام 1975م بعد رحلة عمله الطويلة في الدبلوماسية, فقد عرف الرجل بين الناس شاعرا عذبا تخلو أبياته غالبا من الدبلوماسية ينثر أبيات شعره عارية هكذا دونما أغلفة أو خجل, فيقول في أحد مقاطع قصيدته التي أسماها " تقرير سري جدا من قمعستان "..هل تعرفون من أنامواطن يسكن في دولة (قمعستان)وهذه الدولة ليست نكتة مصريةأو صورة منقولة عن كتب البديع والبيانفأرض (قمعستان) جاء ذكرهافي معجم البلدان...وأن من أهم صادراتهاحقائب جلديةمصنوعة من جسد الإنسانالله... يا زمان...كان نزار يحدد في مقطع آخر من قصيدته تلك حدود دولته المسكونة بالقمع ويصف فضاءها الممتد من شواطئ النفط إلى شمال إفريقيا وينعت الحكم فيها بنزوات الاستبداد وتمنع أولى بنود دستورها حتى غريزة الكلام عند الإنسان , فلله درك يا نزار كم كنت انقلابيا في شعرك ونثرك, طعن قبلك العاشق المرهف مرة بمقتل سيدة حبك تلك النخلة البابلية الشقراء " بلقيس " فأعلنت ثورتك المدوية على الملأ وعلى العروبة كلها فقلت " أي أمة عربية تغتال أصوات البلابل ".سيدي نزار.. إن جموع البلابل تقتل الآن وتطعن شعوب دولتك المقموعة في كل رجالها ونسائها وحتى أطفالها بيد أنك الآن هناك في البعيد تبعث برسائل من شعرك من تحت التراب لمن يسمع فقط, فبطاقات الموت توزع مجانا في الشوارع وبين المآذن, فقد سال وريد الدم على غير موعد في مدينتك الدمشقية التي تغنيت بحقولها وتغزلت بنسائها فلم تعد للتفاح رائحة ولا لتلك العناقيد أفراح وحتى القطط الوادعة في المدينة لم تعد تلقى مكانا للغفوة أو الراحة.مرة أخرى أعود إلى كتاب نزار ذي العنوان الانقلابي والذي قرأته مبكرا أيام مقاعد الدراسة فقد كانت جملة سطور كتابه محرضة على الكتابة بالحبر الناصع الذي يظهر هموم الناس ويصدح برأيهم دون خوف أو وجل, وأقوال محرضة لأن للأفواه أقفالا قسرية وعيون الوشاة ربما أكثر من عيون القراء لذلك يقول نزار لقارئ سطوره: اكتب لتحرك ساكنا أو دع قلمك فقط للتوقيع في دفاتر الدوام اليومي وأوراقك لفائف لسندويتشات فطورك الصباحي.فهكذا نزار كان مسكونا بالتغيير والسير إلى الأمام ولو فوق الصخر ينشد الحرية ورائحتها في كل شيء ويحمل أبياته وسطوره دائما مضامين تواكب كل فكرة تنشد مراد الحرية والعلو فوق الطغيان والاستبداد متجردا من حدود المكان والزمان إلى فضاء النفس وكرامتها الفطرية, فماذا لو كان نزاز بيننا يسمع لحون المحتجين وأصواتهم التي تستمد الصبر من الأمل وتحمل الزمان القادم تباشير الانتصار على القمع الذي تعوذ منه مبكرا كما في قصيدته " قمعستان " فماذا كان سيكتب نزار وصوت الرصاص يقلق هدوء شامه وليل دمشقه مبددا خرير الماء في " بحرة " البيوت الشامية الجميلة ومخالجا صوت المآذن هناك, فهل يستنهض نزار رفاق الشعر والكتاب من مقبرته لينتصر لحرية شامه العريق وكرامة نسائه الأحرار ورجاله الأوفياء, أعتقد أن نزار قال في حياته ما يكفي ووجه من الرسائل ما تسمع من به صمم فقال..أقاتل القبح في شعري وفي أدبيحتى يفتـح نوار... وقـداحما للعروبـة تبدو مثل أرملة؟أليس في كتب التاريخ أفراح؟والشعر.. ماذا سيبقى من أصالته؟إذا تولاه نصـاب... ومـداح؟وكيف نكتب والأقفال في فمنا؟وكل ثانيـة يأتيـك سـفاح؟حملت شعري على ظهري فأتعبنيماذا من الشعر يبقى حين يرتاح[email protected]