16 سبتمبر 2025

تسجيل

بناء الجسور بين القارات.. مالطا وقطر تمهدان الطريق للسلام والازدهار

19 مايو 2024

بينما نقترب تدريجياً من الذكرى الخمسين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين مالطا ودولة قطر (1975-2025)، أصبحنا على ثقة بأننا نتقاسم علاقة ممتازة ومتنامية باستمرار، تتميز بالاحترام المتبادل والالتزام المشترك تطلعاً إلى آفاق جديدة. وعلى الرغم من المسافة الجغرافية، فقد وجدت دولتانا أرضية مشتركة في مختلف المساعي السياسية والاقتصادية والثقافية وتطورت شراكتنا على مر السنين، مما أدى إلى تعزيز الفرص الجديدة والتحالفات القوية ذات المُثُل والأهداف المشتركة. العمل المتعدد الأطراف لقد أظهر كلا البلدين، على الرغم من محدودية حجمهما، التزاماً راسخاً بالحوار والمشاركة في القضايا الإقليمية والعالمية على الساحة الدولية. إذ أن دور مالطا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يعكس التزامها بالسلام والأمن الدوليين. فمنذ بداية ولايتنا كعضو غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في يناير من عام 2023، قامت مالطا بالدعوة إلى إيجاد حلول دبلوماسية للصراعات العالمية الحالية، وتعزيز حقوق الإنسان، ومناصرة مصالح الجزر الصغيرة. ومن خلال المشاركة النشطة في المناقشات والقرارات، والتي تكثفت خلال الرئاسة المالطية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة طوال شهر أبريل من العام الحالي، عملت مالطا على إيصال أصوات الدول المهمشة والمساهمة في تشكيل جدول أعمال القضايا الحاسمة مثل تغير المناخ والهجرة ونزع السلاح. وباعتبارها عضوا غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تواصل مالطا إظهار تفانيها في التعددية والمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة إذ دعمت مالطا اعتماد قرارات الأمم المتحدة رقم 2712 و2720 و2728، كما واصلت الإعراب عن قلقها العميق إزاء الوضع الإنساني الكارثي في غزة ودعت وما زالت، إلى وقف فوري لإطلاق النار، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن وتدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق. علاوة على ذلك تواصل مالطا والاتحاد الأوروبي الدعوة إلى إقامة الدولتين، حيث تعيش إسرائيل جنباً إلى جنب بسلام وأمن واعتراف متبادل، مع دولة فلسطين المستقلة، الديمقراطية ذات السيادة الحرة والتي تتمتع بمقومات البقاء. هذا وقد صرح معالي الدكتور إيان بورغ، وزير الشؤون الخارجية والأوروبية والتجارة في مالطا أثناء ترؤسه إحدى مناقشات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في أبريل من هذا العام، قائلاً بأن “الحل الوحيد للسلام والأمن هو وقف الأعمال العدائية فمن خلال تصاعد الصراعات، يتم فقدان المزيد من الأرواح البريئة. فلنعمل معًا من أجل التوصل إلى حلول سلمية”. وفي هذه المرحلة الصعبة، تواصل دولة قطر وضع نفسها كوسيط محوري في الصراعات الإقليمية والدولية، مستفيدة من براعتها الدبلوماسية وموقعها الاستراتيجي في الشرق الأوسط وخارجه. ونحن نشيد بدور دولة قطر في حل النزاعات بالطرق السلمية وتعزيز الحوار، كما نشيد بجهودها لمنع اندلاع الصراعات. إن مساعي دولة قطر لبناء الثقة بين الأطراف المتنازعة تعزز من مكانتها كشريك موثوق به وقادر على العمل بلا كلل لتحقيق هذه الغاية. وعلى الصعيد الإنساني أيضًا، تميزت قطر كدولة رائدة، حيث قدمت الإمدادات الحيوية والمساعدات الطبية للعديد من مناطق النزاع، بما في ذلك غزة. وعلى صعيد آخر، وفي شهر يناير من هذا العام، تم انتخاب مالطا رئيسًا لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وعرض وزير الخارجية المالطي في كلمته الافتتاحية، رؤية مالطا لمعالجة التوترات المستمرة في أوروبا، حيث قال «إن الأمر كله يتعلق بالشعوب - ومن المهم بمكان العمل على تحسين علاقاتنا وتكثيفها ومد جسورها للتغلب على انعدام الثقة من أجل مصلحة الجميع ومن أجل إعادة بناء الثقة.» وعلى صعيد أوسع، فإن مالطا تواصل دعم المشاركة بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي. وحين انعقاد المنتدى الرفيع المستوى الأخير بين الجانبين في لوكسمبورغ في 22 أبريل 2024، برئاسة معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية لدولة قطر، والذي ركز على التعاون الإقليمي والأمن، أظهر خطاب سعادة السيد جوزيف بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، بوضوح الرغبة المستمرة لدى الجانبين بتعزيز الحوار. كما أشار الممثل السامي خلال كلمته «يواجه السلام والتعددية تحديات في منطقتينا في أوقات الاضطرابات والتوترات المتصاعدة، ونحن بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى العمل معًا لحل الأزمات، ومنع التصعيد ودعم بيئة دولية أكثر أمانًا واستقرارًا.» العلاقات الثنائية وعلى الصعيد الثنائي، فإن قطر ومالطا توفران فرصا فريدة للنمو الاقتصادي والاستثمار والتبادلات الثقافية، إذ توفر قطر، باقتصادها القوي، سبلاً لمشاريع مربحة في قطاعات مثل الطاقة والبنية التحتية والسياحة. وباعتبارها مركزًا للتجارة الدولية والاتصال والابتكار، توفر قطر أيضًا بيئة مواتية للشركات التي تسعى إلى التوسع في منطقة الخليج. وعلى نحو مماثل، تفتخر مالطا، التي تقع في قلب البحر الأبيض المتوسط، باقتصادها المزدهر المدعوم بقطاعات مثل التمويل والسياحة والخدمات البحرية. كما يوفر موقع مالطا الاستراتيجي وعضويتها في الاتحاد الأوروبي بوابة إلى السوق الأوروبية، مما يجذب المستثمرين ورجال الأعمال على حد سواء، ناهيك عن أن كلا البلدين يقدمان أيضًا تجارب ثقافية غنية ونمط حياة رغيد، مما يجعلهما وجهتين جذابتين للأفراد الذين يبحثون عن فرص وتجارب جديدة. إن افتتاح سفارة مالطا في قطر عام 2021 والزيارة الرسمية لرئيس جمهورية مالطا الأسبق فخامة الرئيس الدكتور جورج فيلا في يونيو عام 2022 أكدا روابط الصداقة القوية بين مالطا وقطر وساهما أيضًا في تسهيل آفاق جديدة للتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والعلمية والتقنية لتحقيق المنفعة المتبادلة لكلا الشعبين إضافة إلى الزيارات الرسمية لوفود مختلفة رفيعة المستوى إلى الدوحة وفاليتا، ونخص بالذكر الجلسة الأولى للمشاورات السياسية بين البلدين التي انعقدت في فاليتا في يناير 2024، وزيارات العديد من الوزراء المالطيين (المالية والصحة والتعليم) إلى الدوحة في الربع الأول من عام 2024، كل ذلك يؤكد رغبة الجانبين في العمل معًا على خلفية من الثقة المتبادلة. وفي الختام، فإن العلاقة الديناميكية بين مالطا وقطر ما هي إلا تجسيد لإمكانية التعاون والمنفعة المتبادلة. وبينما نواصل التغلب على تعقيدات وتحديات العالم الحديث، فإن كلاً من مالطا وقطر تعدان مثالين ساطعين على قدرة كل من التعاون والدبلوماسية على تقريب وجهات النظر وخلق مستقبل أكثر إشراقا للجميع. وأخيراً وليس آخراً،علينا ألا ندخر أي جهد لضمان استمرار أواصر الصداقة القوية بين بلدينا وازدهارها، والتي يدعمها الالتزام بتعزيز التقدم على الصعيدين الثنائي والعالمي.