14 أكتوبر 2025

تسجيل

احتمالات الحرب والسلام وآثارها الاقتصادية

19 مايو 2019

انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني وفرض عقوبات جديدة على طهران التي ردت بأنها سوف تجمد بعض التزاماتها تجاه باقي الدول العظمى التي أبرمت معها اتفاقا سمي باتفاق خمسة زائد واحد، وهو الآن اتفاق أربعة زائد واحد، حيث التزمت كل من فرنسا وبريطانيا وروسيا والصين بالمحافظة على الاتفاق النووي الإيراني وألا تنسحب إيران هي الأخرى منه، وهو ما قوبل برضا أوروبي مع تأكيد بالتزام باقي الدول بالاتفاق. فأمريكا وضعت حصارا لم تستطع أوروبا أن تقف أمامه، بعدها حشد أمريكي عسكري في الخليج، ثم حرب التصريحات إلى أن حدثت تفجيرات غامضة لسفن إماراتية في الخليج، تزامنا مع تهديد إيراني بإغلاق مضيق هرمز، وتبع ذلك سحب موظفين من السفارات الغربية مؤذنا بتردي الأوضاع. لكن الحقيقة في هذه الأزمة أن هناك وضعا جديدا تكشف بالنسبة لأوروبا فهي الأضعف أمام الولايات المتحدة، ضعف يرقى إلى درجة العجز الكلي، فالشركات الأوروبية انسحبت من السوق الإيراني في لحظة كانت أوروبا تحث شركاتها على الاستثمار في إيران، ولكن تحت الضغط الأمريكي والكونغرس تم إصدار قرار بتجريم التعامل مع إيران، وهذا ما لا يمكن أن تجازف به أوروبا التي عجزت حتى الآن عن إنشاء نظام مدفوعات عالمي يوازي نظام أمريكا، فصارت مرهونة لنظام المدفوعات الأمريكي. فتراجعت وانسحبت حتى لا تفقد أسواقها في أمريكا، ولم تستطع أوروبا كذلك أن تجد نظاما ماليا خلاف الدولار يكون بديلا لإيران . إذا فهناك تصعيد كلامي وتصعيد عسكري قد يرقى إلى عمل عسكري، لكن منذ انسحاب ترامب من الاتفاق وإيران تواجه وضعا اقتصاديا كارثيا؛ ومن هنا فإننا نرى مدى تناغم العمل الاقتصادي والسياسي في حالة الضغوط التي تواجهها الآن إيران خاصة وأن السلاح الأول هو الحظر الاقتصادي، وتم التدرج في رفع الضغوط الاقتصادية مع مرور الوقت، ويبدو أن الأهداف الأولية كانت من أجل تهيئة الدول المستوردة للنفط أو المصدرة إلى إيران؛ كي تنشئ خططا بديلة للتعامل مع إيران؛ ولذلك تم التدرج في الحصار على إيران حتى قدوم بارجات مثل لينكولن وغيرها، وأيضًا القاذفات مثل B-52 وغيرها، وبدأت الصورة تتضح أكثر وأكثر بالنسبة للمتابعين. الآن المستثمر أو الاقتصادي أوالسياسي أو حتى المواطن يحاول بقدر الإمكان استكشاف إمكانية حدوث حرب من عدمها، ومدى تأثر المنطقة والعالم إن حدثت الحرب، هذه الأجواء من حالة عدم اليقين والمصاحبة بمخاوف تدفع صناع القرار الإقتصادي والاستثماري للتريث في اتخاذ القرار لحين اتضاح الصورة. المشهد الأول: هو احتمال أن تكون هذه الخطوات وهذا الزخم من الحشد العسكري في المنطقة هو التفاوض من خلال البوارج والقاذفات والتهديد والوعيد، وإعطاء حس من الجدية من خلال حركة بومبيو وزير الخارجية وزيارته للمنطقة وزيارته للعراق، وفي الوقت نفسه نشر الباتريوت خاصة في مناطق في البحرين ومناطق بالسعودية والإمارات، وهذا يدل على أن هناك استعدادا على مستوى الدفاعات وتحصين المنطقة من أية صواريخ؛ لأن الجانب الإيراني يملك القدرة على الضرب خاصة بالسلاح الصاروخي الأهم والأقدر بالنسبة لإيران.