19 سبتمبر 2025
تسجيليقول اللَّه تبارك وتعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ". في هذا النداء بهذا الوصف "الإيمان" تلحظ معانى التودد والتلطف والتكريم، فأنت لا تنادي أحب الأشخاص إليك إلا بأحب الأسماء وأحسنها. وهذا النداء يحمل من التحفيز والحث والتحميس والتشجيع واستجاشة الاستجابة، فهو مشحون ومملوء باللطف الإلهي. وما ناداك بأحب الأسماء وأحسنها إلا وهو يريد منك أحسن الاستجابة، وقد أعد لك أحسن الجزاء وما لا يخطر على بال. قال ابن مسعود — رضي الله عنه —: إذا سمعت "يا أيها الذين آمنوا" فأصغ لها سمعك فإنه خير تؤمر به أو شر تصرف عنه. إن هذا النداء فيه خصوصية الخطاب للمؤمن المملوءة بالعناية والرعاية من الله سبحانه. إنه نداءٌ من الخالق إلى خلقه، وهذا وحده فيه فيضٌ من التكريم والتنبيه إلى أنهم في علمه قائمون، وفي رحمته غارقون، وتحت قهره نازلون. إنه نداء من صاحب الأمر والنهي إلى العباد تذكيرًا لهم بالعهد الذي عاهدوا الله عزَّ وجلَّ عليه، وهو الإيمان بما أمرهم بالإيمان به. وكأنه سبحانه يحثُّهم بهذا الوصف على أن يُقبلوا على ما يأمرهم به فيأخذوه، وعلى ما ينهاهم عنه فيجتنبوه. ووصف الله المخاطبين بـ الذين آمنوا، ولم يقل: المؤمنون؛ وذلك خشيةَ اعتقادِ أنَّ هذا الحكم خاص بالمخاطبين وفيه إشارة إلى أنَّ الإيمان شرطٌ لقَبول العمل. وجاء بصيغة الجمع إشارةٌ إلى أنَّ الأمةَ جماعة واحدة على منهجٍ واحد، ولا يَجوز تفرقها. وهناك فروق ملحوظة في نداءات القرآن الكريم وهي تتنوَّع بحسب القضية التي تلي النداء، فإذا كان النداء موجها إلى الناس ستجد واحدة من هذه القضايا: دعويَّة، أو إرشاديَّة، أو تحذيريَّة. وإذا كان موجها إلى المؤمنين ستجد القضايا الثلاث السابقة ويزيد عليها القضايا التشريعيَّة: إن المؤمن ليجد كرامته وشرفه وعزه في مثل هذا الخطاب الإلهي في آيات الذكر الحكيم حيث يهديه ربه إلى التي هي أقوم ويرشده إلى خيري الدنيا والآخرة.