29 أكتوبر 2025
تسجيلبعد أحداث حلب الكارثية المؤلمة، والتي تذكّرنا تاريخيًا بما مرّ عليها من مصائب واحتلالات فثبتت كما هي وستبقى إن شاء الله ورحل الغزاة القدماء وسيرحل الفراعنة الجدد غير مأسوف عليهم..تمامًا كما انصرف السفاح حافظ الأسد الذي كان يقول عن الإسلاميين، خصوصًا: إنهم لا يؤثّرون علينا، ولكنهم كالذباب يزعجوننا! واليوم يفاخر السفاح الابن الذي فاق أباه إجرامًا: لابد أن نزحف عليهم في حلب ونرفض أي هدنة، ونقتلهم. ونسحق هؤلاء الإرهابيين ونستعيد سوريا! فاسمع جعجعة دون طحن؛ بل ترى الطحن بعد سحق أجنادهم الإيرانيين الفارّين كالفئران لدرجة أن القائد الإيراني (رضائي) لبس البزّة بعدها، وأكد أنه سيثأر لقتلاه وأَسراه قريبًا في (خان طومان). كما هو الحال في (البروباجندا) التي نشرها ما يسمّى حزب الله وتوعد بالويلات في (الزبداني) والانتقام لمصطفى بدر الدين، ولا ننسى ما صرّح به أحد الصحفيين الفرنسيين: أن بعض رجال حزب الله قالوا له: لا تذكروا أبدًا أن إسرائيل كانت وراء اغتيال بدر الدين! ولا يُستغرب حديث أسعد الزعبي رئيس هيئة المفاوضات العليا: أن اللانظام السوري يريد -إكمالًا لما حدث مع مغنية وابنه والقنطار- أن يصفّي الباقين لطمس الأسرار خصوصا بدر الدين؛ العارف الحقيقي بتفاصيل اغتيال الحريري، وعليه: فكل الاحتمالات واردة، والمهم: أن حزب نصر الله قد خاب، إذ سُحلت جنودهم سحلًا وأُسِر الباقون، فما دلالات احتفالهم وإيران بإقامتها تأبينًا لبدر الدين وما دلالات حضور مندوبيْن من حماس والجهاد في هذا الظرف العصيب! هل هو استجابة لما صرّح به "رمضان شلّح" -إثر لقائه بخامنئي- : إن الدفاع عن إيران دفاع عن الإسلام! أم غير ذلك، لا شك أن للقوم مجلس شوراهم وأنهم ملتزمون بالتصويت، ولكننا كمراقبين نرى من وجهة نظرنا أن الكيل قد طفح، وأن معظم الشعوب أخذت قرارها تجاه إيران، ولا نرى حتى من باب السياسة الشرعية جواز الدفاع عن إيران. ومع أن الأسد السفاح لا يستحق الرد على انفعالاته والتي لم يستطع من خلالها أن يتصرّف وحده حيث لابدّ له من أوامر روسيا وإسرائيل وأمريكا وإيران لأن مَثَله كمثل المرأة الصلعاء القرعاء التي تتباهى بشعر جارتها وليس لها شعر! أو كما يقول المثل العربي: ثوب الإعارة لا يدفئ وإذا دفّأ لا يدوم! وهو ما اعترفت به أصلًا القيادة الإيرانية تعبويًا، وفعلته القيادة الروسية عمليًا حيث أنقذته من السقوط أيضًا في الهجمات المركزة خلال الستة أشهر الماضية بالرغم من أنها لم تؤثر جوهريًا على الثورة، ومع ذلك فهذا هو لافروف مؤكدًا دومًا -وفي مؤتمر فيينا الذي عُقد مؤخرًا- أنهم يدافعون عن الجيش السوري ضد الإرهاب وليس عن الأسد، عجيب؛ أينقذونه من السقوط وكل شيء بالاتفاق، فعلى من تكذب مرات ومرات! كذاب يقول وعاقل يسمع ياجماعة! طبعًا لافروف نفسه يعرف البئر وغطاءه كما يُقال، فالأمم المتحدة تؤكد أنهم سيرسلون مساعدات، وربما آخر الحلول أن يُسقطوها بالطائرات!، أما أن تُحل الكارثة ويُنصر الحق ويزهق الباطل، فلا، ولماذا؟ لأنهم هم الذين أوجدوهم ويحافظون عليهم طبقًا لقرار الصهيونية العالمية، وهل فاقد الشيء يعطيه! أما الآن فكلهم ربما يخافون من انضمام القاعدة للنصرة في قتالها ضد الروس كما حدث في أفغانستان، أوكيف كان بوتين يتصرّف في الشيشان على حد ما أوردت الكاتبة (ليليا شيفتسوفا) في كتابها الضخم "روسيا بوتين": بدا بوتين عصبيًا في حفلة التولية، وهذا طبيعي لرجل مساعد لرئيس استخبارات تعوّد على العيش في الظل، وكان رجلًا كاللوح الفارغ يستطيع الإنسان أن يكتب عليه ما يريد!! ولكنه عندما تولّى كان المجتمع –بعد الهيجان في عهد (يلتسن)– قد أصبح مرهقًا ولا يريد سوى الاستقرار، ولذا فقد سجن المراسل الصحفي الشهير "أندريه بابيتسكي" الذي انتقد سياسته في الشيشان ثم أفرج عنه خوفًا من ردة فعل المجتمع الدولي، ومع ذلك كان الشعب يعرف أن بوتين لم ينجح بانتخابات نزيهة وتعمّد القمع وسياسة الأرض المحروقة -كما يفعل في سوريا اليوم- وكان ذا أسلوب مباشر وأخرق حتى إنه توعد أن يمسح الإرهابيين الشيشانيين في المرحاض مما صدم المثقفين!! فكم كنا مخطئين –نحن العرب- حين أُعجب الكثير منا بكلام نائب رئيس الجمهورية العربية المتحدة أكرم الحوراني الاشتراكي الذي أكد رفع شعار أن الصديق الوحيد للعرب وسوريا هو الاتحاد السوفيتي وكم دفعنا الثمن غاليًا ونسينا موقف "جوزيف ستالين" الذي قتل 49 مليونًا كحد أدنى خلال الثلاثين سنة التي حكم فيها، تمامًا كما في سِنيّ حافظ الأسد الذي سار على دربه وورّثه ابنَه، ولكن: ما أروع أن نقارن بين النصر الشعبي الخانطوماني وبين النصر المصَنّع الروسي والإيراني؟!