19 سبتمبر 2025

تسجيل

العلاقة بين الآثاري والمؤرخ

19 مايو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يدور جدل من حين إلى آخر حول توصيف القائم بأمر الآثار، سواء المنقب عن التراث أو المرمم له، وما إذا كان يتم وصفه بالآثاري أو الأثري، غير أنه ودون الدخول في هذه الإشكالية، أو الغوص في دائرة الجدل بهذا الخصوص، فإن الأقرب للتعامل معه في هذا السياق هو الآثاري، فإليه يكون الانحياز، وبه يكون الاستفتاح، بعيدا عن الاشتباك اللفظي، والذي قد يوصف بأنه مفتعل.وإذا وصف مثل هذا الشكل بأنه جدل غير مبرر، فإن الجدل الذي يمكن أن يكون هو ذلك القائم بين الآثاري والمؤرخ، وطبيعة العلاقة بينهما، وهل يمكن للآثاري أن يكون مؤرخا، أو العكس، علاوة على رصد السمات التي تميز كلا على حدة؟والواقع فإن العلاقة بين الطرفين تكاد تكون متشابهة للغاية إن لم تكن متقاربة، للدرجة التي جعلت المشتغل بالتاريخ لا يرى حرجا في الاشتغال بالتراث وقضاياه، باعتبار أن التاريخ والتراث وجهان لعملة واحدة، ما جعل البعض يذهب أيضا إلى أن العلاقة بينهما تكاملية، وأنه لا غنى لطرف عن الآخر.وأذكر أنه في لقاء خاص - منذ عقد تقريبا- مع عالم الآثار السعودي الدكتور أحمد بن عمر الزيلعي، الأمين العام لجمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أبدى حماسته الشديدة للعلاقة بين المؤرخ والآثاري، وتأكيده على أنه لا إشكال بينهما، وأن الآثاري إذا كان ينقب ويستخرج كنوز الأرض ويدرسها ويحدد طبقات وعمر الأثر، فإن المؤرخ يأتي ليكتب ويدون هذه المكتشفات ويؤرخ عن نفس الإنسان الذي كتب عنه الآثاري، "فالمحصلة النهائية واحدة، وإن اختلفت المصادر وتباينت أدوات البحث، ولذلك فإن كليهما وجهان لعملة واحدة".وبالمقابل، فإن هناك من يرى أن لكل من الآثاري والمؤرخ خصوصية، وأن الآثاري له سمة تميزه عن المؤرخ، وأن الأخير ليس بالضرورة أن يكون موثقا للآثاري، وأن الأخير ليس من الأهمية أن يوثق له المؤرخ، وأن الآثاري نفسه قد يكون موثقا لما يتم إنجازه واكتشافه في باطن الأرض.ولعل كل هذا التباين يضعنا أمام الذهاب إلى التأكيد على أن كل هذه الآراء تجعل العلاقة بين الطرفين شيقة وجديرة بمزيد من البحث والنقاش، خاصة وأن التراث والتاريخ يتمتعان بميزات خاصة من الاستكشاف والغوص في بحور الماضي التليد، والذي قد يكون مصدر عز وفخار للأمم، أو بمثابة هروب لها لتصبح في دائرة النسيان.