20 سبتمبر 2025

تسجيل

كورونا والتأهيل الطبي المطلوب

19 مايو 2013

في موسم البوارح المعتاد والتي تزعجنا فيه حرارة الرياح النشطة والمحملة بالغبار الذي نتحمله سنوياً استعداداً لتباشير الرطب والتمر في الإحساء، هذه الواحة التاريخية والعريقة والمشهورة بنخيلاتها التي يناهز عددها الآن الثلاثة ملايين نخلة, فيلازم موسم عطائها هذا العام ضيف ثقيل حمل اسم واحتنا لتصدر الأخبار والنشرات العالمية جنباً إلى جنب مع مواقع الأحداث الساخنة في العالم، ذلك هو فيروس كورونا الغريب بتحوره ونشاطه الواسع في مستشفيات المنطقة، حيث سُجلت في الإحساء معظم حالات الإصابة العالمية وسقطت بسببه حتى الآن أكثر من 15 حالة وفاة، فغدا الضيف الثقيل الظل والمزعج لنا في الإحساء وعموم الجهات الصحية في المملكة دون أن تضع السلطات الصحية يدها على السبب أو طرق الوقاية والمعالجة منه مما أثار المزيد من المخاوف رغم التدابير السريعة والاستعانة بالخبرات الصحية العالمية، فهو يعيد إلى الأذهان حالة الاستنفار التي لازمت ظهور فيروس أنفلونزا الخنازير في العام 2009م وعلى نطاق عالمي واسع, سوى أن كورونا ظل يستوطن الإحساء كبؤرة جديدة للمرض منذ سبتمبر 2012م عندما سُجلت أول حالة إصابة به, فهل السبب هو الإجراءات الوقائية في غرف العناية المركزة ونظافة عموم المستشفيات؟ أو هو تلوث أجهزة الغسيل الكلوي أو غيرها من الأسباب؟, فقد حضر وزير الصحة السعودي الدكتور عبد الله الربيعة إلى الإحساء نهاية الأسبوع الماضي للوقوف شخصيا على التدابير التي اتخذتها وزارته لمواجهة هذه الحالة الطارئة بعد سلسلة من الانتقادات التي وجهتها الأوساط الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي للوزير وعموم جهود وزارته, ومع أن حجم انتشار المرض وفق المعايير العالمية للرصد الوبائي تعتبر كورونا ما زال ضمن أطر السيطرة إلا أن شعور العامة هنا في الإحساء بتواجدهم ضمن نطاق موبوء بالمرض الذي لا يعطي من يصاب به فرصا كثيرة للنجاة من الموت أو حتى المعالجة الممكنة هو ما جعله ضمن الحالات الخطرة والمخيفة للعموم, لذلك ظل أهالي الإحساء في قلق من براثن هذه الجائحة الجديدة التي تعيد للأذهان الحالات الوبائية التي تفشت في المنطقة مثل الكوليرا التي داهمت الأهالي هنا في العام 1970م ووجهت بجملة تدابير سريعة من ضمنها استغلال أحد أجنحة قصر الملك سعود في الإحساء ليكون مستشفى عاجلا لمواجهة الحالة والذي لا يزال يعرف بين العامة حتى الآن بمستشفى "المحجر".  عموماً ما كنت أرغب في الحديث عنه هنا هو جانب التأهيل المهني والتقني سواء في مجالات النظافة والتعقيم وفقاً للمعايير الدولية في مستشفياتنا العربية عموماً فكثير من المستشفيات تفتقر إلى هذا الجانب وتهمل العناية الفائقة بغرف العناية ومعداتها، ربما لتدني مستويات التأهيل والاعتماد على الخبرات المحلية دون التواصل العالمي المستمر مع بيوت الخبرة الطبية ومستجدات هذا العلم المرتبط بحياة الناس وصحتهم. كما أن قلة المستشفيات وانعدام المنافسة في ظل سوق طبية ضخمة سمحت بدخول المجال لمن هم أقل تأهيلاً سواء من الممارسين الصحيين أو المؤسسات المستثمرة رغم أن لسوق التأمين الطبي ضخامة كبيرة وموارد تستلزم الاستثمار في جانب التأهيل وفق المعايير الدولية، لا أن يترك المجال لاجتهادات وممارسات تفضي إلى تفشي مثل تلك الحالة من الأوبئة والأخطاء الطبية المستمرة.  أيضا تقدم الدولة تسهيلات ائتمان واسعة لدعم مجال الاستثمار الصحي ولكن يظل المطلوب هو التحصيل النوعي للخدمات الطبية حتى لا تداهمنا مثل تلك الحالات الوبائية.