28 أكتوبر 2025

تسجيل

لماذا غابت قطر عن الظهران؟

19 أبريل 2018

سؤال طرحه كثيرون حول غياب قطر عن قمة الظهران العربية الأخيرة، وإن كان الحضور القطري قد انخفض إلى مستوى سفيرها لدى الجامعة العربية، مع كامل التقدير والاحترام للسفير سيف البوعينين، إلا أن غياب رمز الدولة القطرية ولأول مرة عن اجتماعات القمة السنوية، أثار تساؤلات كثيرة كانت كلها مرتبطة بأزمة الحصار المفتعلة منذ قرابة عام تقريباً.. لاشك أن مؤتمرات القمم العربية ومنذ زمن غير قصير، ما عادت ذي جدوى ولا يرتجى من ورائها قرارات فاعلة مؤثرة، لا على الصعيد العربي فضلاً عن الإقليمي والدولي. صارت اجتماعات الزعماء العرب بروتوكولية احتفالية كما لو أن هناك رغبة خفية في أن يشعر الزعماء بزعامتهم، واستشعارها من خلال الاستقبالات الرئاسية الفخمة وبقية المراسم المعروفة. كم من مصيبة وقارعة وكارثة حلت بالعرب ، وعُقدت بعدها أو بشأنها قمم وقمم دون جدوى ودون فائدة؟ فإن كانت القمم لم تفد في منع الكوارث والقوارع أن تقع أو أن تتكرر، فما جدواها في الأوقات الهادئة إن صح وجاز لنا التعبير؟ بما أن الحال كذلك، صارت هناك قناعات عند كثيرين أن اجتماعات القمم العربية أصبحت عبئاً إدارياً وأمنياً على الدولة المضيفة، بل عبئاً معنوياً كذلك، ولنا في اعتذار المغرب عن استضافة إحدى القمم الأخيرة نموذجاً واضحاً، بعد أن أعلنت الرباط بما معناه أن تنظيم القمة صار أشبه بروتين ممل ودون جدوى، والأحرى التأجيل أو تتولى دولة أخرى غيرها التنظيم، فكانت موريتانيا ! تأتي قمة الظهران لتكون نسخة عن أخواتها السابقات.. تنعقد في ظروف عربية عصيبة بالغة التعقيد.. تنعقد بعد يومين من اعتداء غربي مكشوف ومعلن على عاصمة عربية، وإن اختلفنا مع النظام الحاكم فيها، لكنها تبقى أرض عربية يتم الاعتداء عليها تحت مبررات وحجج غير مقنعة إن نظرنا إلى الأزمة السورية بشكل عام، والعرب بالطبع انقسموا بين مؤيد ومعارض وصامت.. ليأتي حصار قطر كأحدث وأبرز قضية تواجهها الجامعة وأثبتت كعادتها عجزاً، في ظل انقسام عربي حول القضية.. فيما يستمر التلاعب في قضية الأقصى والتآمر عليها سراً وعلانية. وهي كلها قضايا عربية شائكة تضاف إلى أخريات تتفاوت في خطورتها وعمقها، لكنها كلها تبقى في أدراج الجامعة، تتراكم عليها القرارات والتوصيات دونما أثر أو جدوى. لم تحضر قطر إذن القمة للاعتبارات السابقة أولاً ، لكن ثانياً وهو الأهم، هو شعور المرارة والخذلان من هيئة عربية طالما وقفت قطر معها قلباً وقالباً، حتى إذا ما جاء الوقت الذي احتاجت قطر منها دعماً ومساندة في وجه ظلم وعدوان الأشقاء، وجدتها مطية بيد دول الحصار يوجهونها كيفما شاءوا، لا فرق بينها وبين أختها منظومة التعاون الخليجي.. الأمر الذي بدا أنه لا معنى ولا جدوى للتفاعل مع تلكم الهيئات المسلوبة إرادتها. لم تحضر قطر القمة لأنها لن تقدم أو تؤخر أمراً، بل شعرت أن المحاصرين لها ينتظرون حضوراً عالي المستوى لها للقمة لمآرب وحاجات في نفوسهم، منها تحقيق انتصار سياسي يتغنون به أمام شعوبهم، وأن قطر حضرت مرغمة وصافحت زعماء الحصار وبقية السيناريو المعروف.. لم تحضر قطر القمة أيضاً بعد أن انعدمت الثقة في الجوار أو دول الحصار، ومن بعد أن انكشفت مخططات التآمر والعدوان أكثر فأكثر.. فليس هناك أي ضامن يضمن سلامة الوفد القطري، سواء من تحرشات إعلامية صبيانية ممنهجة من ذي قبل، وقد تابعنا ما حدث مع السيد البوعينين كنموذج عملي واضح للعيان، أو ربما يتم تنفيذ سيناريوهات سياسية قد يتم توريط قطر فيها بصورة وأخرى، وصولاً إلى احتمالية الاعتداء البدني على الحضور القطري.. كل تلك المشاهد كان من الممكن أن تقع، وقد وقعت بعضها، في ظل أجواء سياسية متوترة وإعلام رباعي مشحون لا يكاد يتوقف عن التحرش والتوجيه ضد قطر.. أمام كل تلك المشاهد المحتملة، كان القرار القطري بتخفيض مستوى المشاركة صائباً، بل سيكون قمة في الصواب إن تم بحث جدوى البقاء بفاعلية في كل من الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي. إن البقاء في ذلكما الكيانين يجب أن يكون في أدنى مستوى، إلى أن ترتفع درجة القناعة بجدوى رفع مستوى التفاعل فيهما.. وحتى ذلك الحين، ستكون قطر بخير طالما هي بعيدة عن كيانات كرتونية لا رأي للغالبية فيهما، بل هو رأي واحد وقطيع تابع أو صامت، فأي خير يُرتجى من البقاء في تلكما الكيانات؟