17 سبتمبر 2025

تسجيل

تركيا التي رأيت

19 أبريل 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); قبل ثلاث سنوات تقريباً زرت تركيا عدة مرات، غير أن هذه المرة خلال الأيام الأخيرة لم تكن كسابقتها، إذ خلفت عندي الكثير من المرئيات، التي تطرح معها العديد من التساؤلات حول تلك النقلة النوعية التي حققتها تركيا خلال الفترة الأخيرة، ما جعلها في مصاف الدول المتقدمة في مختلف المستويات.وخلال الزيارة الأخيرة لاحظت مدى المكانة الكبيرة التي تحظى بها دولة قطر في أوساط الأتراك، إذ لم ألتق مسؤولاً أو آحاد الناس، إلا ويحدثني عن أهمية العلاقة الإستراتيجية بين البلدين، ومنها الجانب الثقافي، على نحو ما تم تتويجه بإقامة عام ثقافي مشترك بين الجانبين، خلال العام الفائت.والواقع، فقد كان لجريدة "الشرق" نصيب من هذا الحضور في مشهد العلاقات بين البلدين، إذ لم ألتق مسؤولاً أيضاً، إلا ويحدثني عن أهمية ما تنشره "الشرق" عن تركيا، لدرجة دفعت بعض المسؤولين إلى القول بأنه "لو لم تنشر "الشرق" عن تركيا، فلا نعتبر أنه نشر عنا شيئاً في قطر".هذه المكانة الرفيعة التي تحظى بها قطر في نفوس الأتراك، "والشرق" في أوساط المسؤولين، تعكس عمق العلاقات بين البلدين، وتقديراً في الوقت نفسه لأهمية الدور الذي تقوم به الصحافة في توطيد هذه العلاقة، وعلى رأسها "الشرق".وعود على بدء، فإنه ومن بين من التقيتهم في إسطنبول وأنقرة، كانت إجاباتهم بالتأكيد على أن من أول أساسيات النقلة النوعية في تركيا، إشاعة ثقافة الوعي بين الأتراك، وتعميق الانتماء في نفوسهم، وإقامة حكم رشيد بينهم، يعتمد على انتخابات ديمقراطية حرة، علاوةً على محاربة الفساد، أي درء كافة المنافذ لعدم صعود ما يعرف بالدولة العميقة بكل ما تحمله من جذور ورواسب.كل هذه المقومات، وغيرها من جهود تنموية ومشاريع ثقافية، كان لها دور بارز في إحداث النقلة النوعية التي تعيشها تركيا اليوم، الأمر الذي جعلها في مصاف الدول العظمى. غير هذه النقلة لم تمنع اعتزاز الأتراك بهويتهم وحضارتهم الإسلامية، دون التنصل منها بأي حال، بل وتأكيدهم على أنها صمام أمان بالنسبة لهم.وتحرص تركيا في هذا السياق على ترجمة ذلك في التواصل الجيد مع الدول العربية والإسلامية، وإقامة جسور التعاون معها..وما دورها تجاه استضافتها اللاجئين السوريين عنا ببعيد، حيث يعتبرهم الأتراك إخواناً لهم، وضيوفاً لدى دولتهم، ويحرصون على وصفهم بأنهم "إخوان لنا وضيوف لدينا"، وذلك دون تسميتهم باللاجئين، ما جعلها تتأهب حالياً لإقامة أول قمة إنسانية عالمية، ينتظر انطلاقها بعد منتصف مايو المقبل.هذا الانحياز للإنسان، والارتباط بالهوية الإسلامية، والتقارب مع الأخرى العربية، يعكس أن الاعتزاز بالهوية، وتعميق الانتماء، وإشاعة ثقافة الوعي، يمكن أن يتم ترجمته إلى نقلة حضارية نوعية، إذا صدقت الإرادة، وتم ترجمة النوايا، تجاه إقامة حكم رشيد، بعيداً عن أي شعارات زائفة، أو وسائل إعلامية هدامة، أو ممارسة نفر من المثقفين لإقصاء غيرهم.