02 نوفمبر 2025

تسجيل

أردوغان وغول: شراكة مصير

19 أبريل 2014

خلال شهر على الأكثر سوف تتبلور صورة المرشحين لرئاسة الجمهورية التركية. الانتخابات البلدية التي جرت في نهاية شهر مارس الماضي كانت بمثابة "بروفة " للانتخابات الرئاسية. رئيس الحكومة وحزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان أرادها استفتاء على ترشحه للرئاسة ووضع نسبة لترشحه هو أن ينال فيها ما يقارب الـ 45 في المائة. تحقق لأردوغان ذلك وبات المرشح الأوفر حظا لبلوغ ذلك الموقع.وفي الواقع أن أردوغان كانت عينه دائما على موقع الرئاسة منذ العام 2007 ولم يمض عليه رئيسا للحكومة أربع سنوات. غير أن "الدولة العميقة" أي تأثير العسكر والعلمانيين كان لا يزال كبيرا في الدولة وشنوا على أردوغان حملة انتهت إلى تخليه عن الترشح لكنها كانت بداية المواجهة معهم واستئصالهم من الحياة السياسية. وبعد أن انتخب البرلمان عبدالله غول رئيسا للجمهورية في صيف عام 2007، ذهب أردوغان إلى الشعب ليعدل الدستور ويفرض انتخاب الرئيس المقبل بواسطة الاقتراع الشعبي ما يحول دون التحكم بقرارات النواب.واليوم مع انتهاء مدة غول في الرئاسة في أغسطس المقبل يريد أردوغان أن يصبح رئيسا للجمهورية بل أول رئيس ينتخب بالاقتراع الشعبي المباشر.ومن المظاهر المستغربة في تركيا وربما في بلدان أخرى أن الزعماء السياسيين يتطلعون إلى موقع الرئاسة رغم أنه موقع أضعف من رئاسة الحكومة وخلا بعض الصلاحيات المحدودة فإن موقع الرئاسة يفتح لمن يريد طلب الراحة من عناء الموقع الأهم في السلطة التنفيذية أي رئاسة الحكومة. وأردوغان لا يختلف عن رؤساء الحكومات الذين تخلوا عن موقعهم الأهم ليكونوا رؤساء للجمهورية مثل سليمان ديميريل وطورغوت اوزال. وفي حين يذكر التاريخ ويتذكر أسماء رؤساء حكومات مثل بولنت أجاويد ونجم الدين أربكان، فضلا عن ديميريل وأوزال قبل أن يصبحوا رؤساء جمهورية فإن أحدا لا يتذكر أسماء رؤساء جمهورية مثل جمال غورسيل أو جودت صوناي أوفخري كوروتورك مثلا أو حتى أحمد نجدت سيزير الرئيس الأخير للجمهورية قبل عبدالله غول.وأردوغان ليس من صنف رؤساء الحكومة الذين يملون من العمل السياسي ومن الدخول في مشاحنات ومعارك ساخنة مع خصومه بل يذهب بعناده إلى الحد الأقصى من المواجهة. وبالتالي ليس من المتوقع أن يخلد أردوغان إلى الراحة فيما لو انتخب رئيسا للجمهورية وأن يكون غيره في رئاسة الحكومة هو الرجل الذي يقرر ويأمر في القضايا الكبرى فيما هو يتفرج أو يشارك في الحد الأدنى في القرار السياسي.وعلاقة رئيس الجمهورية برئيس الحكومة تطرح إشكالية بين أردوغان ورفيق دربه عبدالله غول. إذ إن أردوغان اتفق مع غول على ما يبدو على تناوب السلطة بحيث ينتقل غول إلى رئاسة الحزب فالحكومة فيما يكون أردوغان رئيسا للجمهورية. وطبيعة الأمور والوفاء تقول بذلك. ذلك أن الرجلين عملا معا منذ نهاية التسعينيات ومن ثم تأسيس حزب العدالة والتنمية في العام 2001. وقد تناوبا على المواقع وتوزعا الأدوار لكن في سبيل هدف واحد وهو ترسيخ سلطة حزب العدالة والتنمية. وإذا كان يبدو خلاف بين الرجلين فإنما في أسلوب التعاطي مع القضايا وليس مع أصل القضية والهدف منها. وهذا كان من أسباب نجاح حزب العدالة والتنمية في تمرير معظم سياساته ومخططاته ومواجهة أعتى التحديات.وإذا لم يطرأ أي أمر مفاجئ مرتبط بتطورات غير متوقعة سواء عامة أو خاصة بحزب العدالة والتنمية فإن منطق الأمور يتوقع أن يكون أردوغان رئيسا وأن يتولى غول رئاسة الحكومة. لكن ذلك لن يحدث تلقائيا إذ إن رئيس الحكومة يجب أن يكون نائبا وهذا يتطلب بعض الوقت والإخراج بعد انتهاء انتخابات الرئاسة أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة عامة أو فرعية.وفي جميع الأحوال فإن تركيا مقبلة على استمرار سلطة حزب العدالة والتنمية من دون أن يعني ذلك أن الطريق مفروشة بالورود ذلك أن بقاء أي حزب أو شخص في السلطة لفترة طويلة هو بحد ذاته مدعاة للتذمر فكيف إذا كانت سلطة مثل حزب العدالة والتنمية هي هدف لكثير من القوى في الداخل والدول في الخارج؟