11 سبتمبر 2025
تسجيلتتكرر أسابيع المرور والندوات والمؤتمرات والحملات التوعوية من أجل نشر الثقافة المرورية والحد من مآسي الطرقات وحوادث المرور التي تخلف سنويا عشرات الآلاف. والسؤال المطروح هو لماذا ما زالت معظم الدول العربية تعاني من هذه الظاهرة رغم الموازنات الكبيرة والمجهودات الجبارة المبذولة من قبل وزارات الداخلية وإدارات المرور والمسؤولين عن هذا القطاع لتقليص الأضرار وتخفيض الأرقام. تعتبر حوادث السير من أهم الأسباب التي تؤدي إلى استنزاف العنصر البشري والمادي فهي مشكلة قديمة حديثة مرتبطة بشكل أساسي بمستوى وعي الناس وكيفية تعاملهم مع المركبة والشارع لأن العناصر الأساسية التي تؤدي إلى وقوع الحوادث هي الإنسان والطريق والمركبة مع أن العنصر البشري وهو الإنسان يتسبب في أكثر من 90% من حوادث السير. وتعتبر حوادث المرور السبب الرئيس في الوفيات في معظم الدول العربية. الدول العربية بصفة عامة من الدول ذات المعدلات المرتفعة في حوادث السير حيث تشير الإحصاءات إلى أن معظم حوادث المرور يتسبب فيها الشباب حيث تقع حالة وفاة كل عشر ساعات في حادث مروري يقع كل خمس دقائق إذا ما علمنا بأن حوادث السير تكلف أموالا طائلة وخسائر بشرية مهمة خاصة من فئة الشباب. فمشكلة حوادث السير في معظم الدول العربية ليست فنية بقدر ما هي ناتجة عن تصرف الإنسان في الشوارع والطرقات وعدم الالتزام بقواعد المرور. فلو تمعنا في حوادث السير لوجدنا أن معظم مرتكبيها هم من الشباب لذلك لا بد من توعية هذه الفئة من المجتمع وكذلك صغار السن بهذا الخطر الداهم الذي يعرضهم لفقد أحد أعضائهم أو تدمير حياتهم وحياة الآخرين ومن هنا تبرز أهمية دور الأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة في غرس الثقافة المرورية وثقافة احترام الآخر وتنمية الوعي المروري وتنبيههم إلى المخاطر الناتجة عن عدم التقيد بالأنظمة المرورية التي تصل إلى حد الوفاة والإعاقة في معظم الأحيان وكذلك تقع على عاتق وسائل الإعلام المسؤولية الكبرى لإيصال المفهوم المروري للسلامة والأمن مع الجهات المعنية. فالسلامة المرورية هي مسؤولية الجميع خاصة أن الدين الإسلامي الحنيف يحث على الكياسة والآداب والأخلاق واحترام البيئة والمحيط والمجتمع واحترام النفس والروح البشرية بالدرجة الأولى. فما أحوجنا إلى تبني ثقافة مرورية تعلّم الناس احترام القانون بالإضافة إلى وضع المواطن تحت هاجس المخالفة الدائمة وتوليد قناعة لديه بأنه مراقب فإذا لم يتعود الإنسان على المحافظة على أنظمة وقوانين السير في الشوارع والطرقات ويتصرف بوعي. القيادة هي سلوك حضاري وثقافة اجتماعية. الثقافة المرورية مطلب ضروري وذلك لجهل الكثيرين بالحقوق والواجبات وأولويات الالتزام بالسير وحق الطريق وحق المشاة فحوادث السير تعني أننا نفتقد بالتأكيد إلى ثقافة مرورية حقيقية تعمل على تخفيف الحوادث وما ينتج عنها من أضرار جسيمة تكلفنا وتكلف الوطن الكثير الكثير. تعتبر حملات التوعية المرورية وسيلة مهمة تستخدمها الجهات المسؤولة على النقل والمرور للتواصل مع مستخدمي الطرقات وتزويدهم بنصائح القيادة الآمنة مثل أخطار السرعة الزائدة وسلبيات استخدام الهاتف المتحرك أثناء القيادة والإجهاد والانشغال أثناء القيادة. وهنا يجب التركيز على تثقيف الأطفال والمراهقين كمستخدمين للطرق وسائقين في المستقبل مع التركيز على التوعية المستدامة كعملية تعليم مستمرة. ومن الإجراءات التي يجب استخدامها في هذا المجال إدخال برامج السلامة المرورية في المناهج الدراسية لترسيخ سُبل السلوك الآمن لدى الأطفال في مرحلة مبكرة لحمايتهم في مراحل حياتهم المستقبلية وإشراك الآباء كنموذج مهم ومثل أعلى للأطفال في هذا السياق. وتجدر الإشارة هنا إلى ضرورة الاستفادة من التجارب العالمية للتأكد من أن جميع حملات السلامة المرورية تتميز بأعلى معايير الجودة حتى تؤثر بشكل كبير على مجموعات السائقين المستهدفة وذلك عن طريق تطوير وتقييم تلك الحملات بالتعاون مع الشركاء الإستراتيجيين مثل إدارات المرور ومدارس تعليم القيادة وشركات التأمين.إن تدريس السلامة المرورية، داخل المدارس يعد إضافة قوية للطلاب والطالبات، حيث أنها تعد من الأمور المهمة في حياة الإنسان، كما أنها تسهم في تعليم الكثير من القواعد الحياتية من خلال الالتزام والانضباط والجدية، والمشكل هنا هو وجود عدد من كبار السن، ممن يقومون بالسير بسرعة زائدة، كما أنهم لا يتبعون القوانين المرورية اللازمة الأمر الذي يعرضهم ويعرض حياة الآخرين للخطر الشديد، وأصبح الأمر لا يقتصر على الشباب فقط، لذلك فحينما يتم تدريسها في المدارس منذ الصغر، فإن المجتمع يضمن خلق جيل ناشيء على وعي كاف بتحديات العصر، كشفت الدراسات عن أن الحوادث المرورية تشكل مصدر قلق مستمرا كما تمثل معضلة عصرية، حيث تقضي على أرواح الكثيرين وينتج عنها الكثير من العاهات وتتسبب في خسائر هائلة للممتلكات العامة والخاصة. فعلى سبيل المثال تشكل نسبة الوفيات الناتجة عن الحوادث المرورية 12.5 % من إجمالي الوفيات في دولة قطر، وهنا يجب التأكيد على أهمية تكاتف وتضافر جهود جميع قطاعات المجتمع من أفراد ومؤسسات للحد من الحوادث المرورية وأخطارها وما تخلفه من ضحايا وخسائر تطول الجميع. يجب أن تكون السلامة المرورية مسؤولية مجتمعية، يشترك بها جميع أفراد المجتمع، كما أن للأسرة دورا كبيرا في توعية أبنائها وإرشادهم إلى الطريق الصحيح، حيث إن توعية الأسرة المستمرة من قبل الأب والأم، لها دور كبير في الحد من ارتكاب حوادث السيارات، على العكس من العائلات التي لا تبالي في الأمر شيئا، وتتجاهل تمام توعية أبنائها بالقيادة الصحيحة، واتباع قواعد المرور حفاظا على كافة الأرواح. المدرسة بإمكانها أن تلعب دورا محوريا في البرامج التوعوية الهادفة مثل السلامة المرورية والثقافة الأمنية، حيث إنها ترتقي بفكر الطالب، وتجعله أكثر فاعلية مع القوانين وكيفية تطبيقها واحترامها، كما أن تدريس السلامة المرورية في المدارس يرفع الثقافة لدى المواطن منذ الصغر، مما ينتج عنه تقليل نسبة الحوادث والسلوكيات الخاطئة التي تصدر عن البعض من سائقي السيارات، كما يجب أن يكون للآباء دور فعال في عملية الحزم مع أبنائهم، وعدم ترك سيارات المنزل لهم يلهون بها، ويعرضون حياتهم وحياة الآخرين للخطر، بسبب التهور والسرعة الجنونية، من جانب معظمهم حتى أن هناك البعض من طلبة المرحلة الإعدادية يقومون بقيادة السيارات، أيضا بسرعة مبالغ فيها ورغم أنهم صغار السن فإن البعض من الآباء يتركون لهم السيارات بمفردهم للقيادة، وهذا أمر خطير للغاية وتجب معالجته بالطرق الصحيحة، موضحا أن السلامة المرورية بشكل عام تمثل شيئا مهما في حياتنا جميعا، وليس في المدارس فقط أو بالنسبة لطلبة المدارس، لذلك يجب أن تكون هناك حملة وطنية على المدارس لشهر في السنة للتوعية والسلامة المرورية، خاصة بالنسبة لسائقي الشاحنات الذين يعتبرون من الأسباب الرئيسية في وقوع حوادث السيارات بشكل كبير بسبب مخالفاتهم المستمرة لقواعد المرور سواء في السرعة الجنونية، أو الوقوف بشكل خاطئ وجميعها تصرفات سلبية تعرض الجميع للخطر.