23 سبتمبر 2025

تسجيل

الثورة السورية بعد عام.. بين الألم والأمل

19 مارس 2012

منذ عام كامل والدم السوري الطاهر ينزف ويجري على أرض الشام أنهاراً ولا بارقة أمل لإيقافه طالما أن الراعي هو العدو الأول للغنم وأن الذئب هو الحر الطليق حيالها ولا ينتظر منه إلا الخيانة والغدر وهو كلما كان قادراً لابد أن يظل واثباً، ولكن مما يبعث على المرارة والحسرة أن الخيانة التي تنجح هنا لأسباب معروفة فإن بعضاً لا يجرؤ على تسميتها خيانة، كما قال "هارنغتون" بل قد يسمى صاحبها وطنياً وهو بدل أن يُشنق فإنه يَشنق الآخرين كما قال "غاستون أندربولي" بأن مثل هؤلاء الحكام اللا إنسانيين كبشار الأسد الجزار وأبيه من قبله وطغمتهما المستبدة المستعبدة الفاسدة التي لا تملك إلا الانتقام الذي هو عدالة الهمجيين وكذلك الاحتقار للشعب الذي هو الشكل الأذكى للانتقام لا يمكن بحال من الأحوال أن يسرحوا ويمرحوا في الحياة دون عقاب وحساب وتلك سنة قانون التدافع في الأرض، ومن القديم كان الفيلسوف أرسطو يقول: إن المذنب المتعمد يجب أن ينال من الأذى أكثر مما تسبب به ولكن أين حرية القضاء وحكمه في بلد منذ خمسين عاماً، خاصة في عهد الجزار بشار اليوم لا يمكن أن ترى له أثراً، لأن هذا الحاكم المجرم ما أسس حكمه إلا على الجريمة والظلم أما العدل فليس له في قاموسه أي مكان، أضف إلى ذلك ما فعله ويفعله الحقد الطائفي الذي يسلط على بقية المواطنين السوريين وخصوصا من قبل هذه العائلة الأسدية وعصاباتها المنتفعة المنافقة، حيث يغلي مرجل هذا الحقد ويصب جام غضبه على الثوار والأحرار والأبرياء المدنيين من الأطفال والشيوخ والنساء بالاعتداء عليهم صباح مساء وقتلهم والتمثيل بهم أو ذبحهم بالسكاكين وقصف وإحراق منازلهم بمشاهد مروعة حقا من المجازر والانتهاكات الفظيعة التي أقنعت العالم أجمع بأن هذا الوحش الكاسر لا يمكن أن يكون إنسانا سيما أنه لم يتوقف عن هذا القمع والتنكيل ساعة واحدة على مدى عام تام من عمر الثورة السورية المباركة، لا في شهر رمضان ولا في الأعياد حتى لم يسمح لتدخل إنساني في بابا عمرو بحمص لإنقاذ الجرحى أو تخليص المحاصرين الجائعين من الموت المحقق بمدهم بأي شيء من الغذاء والماء والدواء وارتد الصليب الأحمر خائبا عن إعانة الأسر المستغيثة التي ملأت الكون صراخا ونحيبا ونحن في هذه العجالة لا نستطيع إلا أن نذكر أن شعب سورية البطل صبر وصابر واصطبر وما يزال يتجرع علقم الألم العظيم لأنه بات على يقين أنه لا شيء يصيره عظيما مثل الألم العظيم كما قال الأديب أحمد أمين ولأن الألم يولد العبقرية ويوقظ الضمير ويحلق الإنسان به في سماء الإنسانية ولا يمكن للمرج أن يضحك إلا إذا بكى السحاب ولا ينال الطفل لبن الأم إلا بالبكاء كما أفادنا جلال الدين الرومي، وماذا عسى لهذه الجماهير الشامية أن تحتمل أكثر من إطلاق الرصاص الحي الكثيف والوطء فوق جثث الأحرار وربطهم وركلهم وإهانة دينهم وأنفسهم بالشتم والتحقير، وقطع وقود التدفئة عنهم في هذا البرد القارس وقطع الاتصالات وتكديس الجثث الحية والميتة كأنها أكياس قمامة ألا ساء ما يفعلون ولكن الأنكى والأشد هو الاعتقالات الرهيبة لعشرات الآلاف للشباب والشابات بل والشيوخ والعجائز حيث التعذيب الممنهج الذي مات تحته المئات وانتهكت فيه المقدسات والحرمات وما تزال، فيالله للأسرى والأسيرات..يهون علينا أن تصاب جسومناوتسلم أعراض لنا وعقولإن هؤلاء القوم لا يعرفون أي قيمة للعرض بل غدوا يعتدون على النساء جهارا نهارا، فيا ربنا كن لهؤلاء معينا ومغيثا وكن للنازحين عن سورية، بهجرة حرة وقد بلغوا حوالي مائتي ألف راحما وحافظا وهي الفرج القريب ورد اللاجئين أمس واليوم إلى ديارهم سالمين غانمين إنك رؤوف رحيم بالمؤمنين المظلومين، يا ربنا يا منتقم يا جبار إن الجميع يهتفون الله أكبر ومالنا غيرك يا الله فمنّ عليهم بالعطف وأزل الكرب وأكرمهم بالنصر وأشدد وطأتك على بشار وماهر ومن مالأهم في سورية أو إيران أو حزب الله أو روسيا والصين، فإن هؤلاء لا يقلون في الجريمة عنهم وأنت يا مولانا تملي للظالم حتى إذا أخذته لم تفلته، ولا ريب أن ظلمه سوف يصرعه ومن استبد هلك ثم (أشد الناس عذابا يوم القيامة من أشركه الله في سلطانه فجار في حكمه)..وما من يد إلا يد الله فوقهاوما ظالم إلا سيبلى بأظلموالبادئ هو الأظلم فمنذ 15 مارس 2011م، قام المتظاهرون في سوق الحميدية بالعاصمة دمشق يطالبون بالحرية، ثم انطلقت شرارة الثورة في درعا بحوران بعد قلع أظافر الأطفال وتهديد آبائهم وكيل الشتائم لهم وقول عاطف نجيب مسؤول الأمن السياسي وابن خالة بشار: انسوا أطفالكم ونحن سنأتي نساءكم ونعوضكم أطفالا آخرين عوضنا عنهم!! هكذا بكل غطرسة وعجرفة واستكبار ثم الطعن بأعراضهم، وامتدت هذه الثورة والحمد لله إلى جميع أرجاء سورية وكان الهتاف الموحد: الله سورية حرية وبس، واحد واحد واحد، الشعب السوري واحد، الموت ولا المذلة، سلمية سلمية وكان الشعار هكذا..إنا لقوم أبت أخلاقنا شرفاأن نبتدي بالأذى من كان يؤذينافهل كان رد العصابة الأسدية والشبيحة إلا إطلاق الرصاص ورش المتظاهرين السلميين بالنار وكم سقط من الشهداء قبل أن تنتقل الثورة إلى مرحلتها الثانية التي تدور بين السلمية والمسلحة إذ بات ضروريا استعمال السلاح للدفاع عن النفس والعرض من قبل المدنيين المظلومين أو من قبل الجيش الحر من الضباط والجنود الذين انشقوا وانحازوا إلى صف المتظاهرين والشعب دفاعا عنهم من بطش الطغاة والكل غير مبال بالتضحيات أمام هؤلاء القتلة ونشيدهم:لا يسلم الشرف الرفيع من الأذىحتى يراق على جوانبه الدمولذا كان من أمثلة العرب: النار ولا العار، وإننا لنجزم أن الثورة السورية وقد اجتازت سنتها الأولى بكل ما فيها من مرارات وجراح واستشهاد فنجحت في الامتحان وحازت ما فوق درجة الدكتوراه في الدرجات، هي الآن أصلب عودا وشكيمة إذ بلغت نقاط مظاهراتها أكثر من سبعمائة وتسع عشرة نقطة في طول سورية وعرضها، وتجذرت في القلوب والألسن والوجدانيات في جميع أنحاء العالم وأخذ الأحرار يتغنون بها ويعيشون فيها وتعيش فيهم وهكذا فإن فجر ليلها سيولد من رحم أحزانها، وهي ما تزال تشمخ في زمن الانكسار العالمي إذ سجل العالم فضيحته على نفسه حين لم يستطع أن يلملم جراحها وينقذها وقد كانت الصهيونية العالمية هي مربط الفرس في ذلك للحفاظ على نظام الفساد والاستبداد والاستعباد الوحشي في دمشق وقد هب أحرار من العلويين والدروز مؤخرا ليسهموا في الحراك الثوري مع الأطياف الأخرى المستقيمة التي هبت تدافع عن القرى ومنازل المدنيين وممتلكاتهم بعد أرواحهم لتواسي الشام التي غدت منكوبة بطغيان السفاحين المجرمين، وإن أهل الحق والحرية والكرامة منطلقون هاتفين:إنما تدرك غايات المنىبمسير أو طعان وجلادوقد اقتربت إن شاء الله ساعة الرحيل لبشار الجزار وفضحه الله كذلك من خلال موقعه الإلكتروني أمام الأشهاد وتلك سنة الله في الظالمين وهكذا تدور ثورتنا المجيدة بين الألم والأمل ولا ريب أن في كل شتاء ربيع يزهر ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله[email protected]