19 سبتمبر 2025

تسجيل

لماذا تدنت نسبة التغطية في اكتتاب الاستثمار القابضة؟

19 فبراير 2017

نجاح أي اكتتاب يتصل بإغراءات ووعود توزيعات الأرباح وسعر السهم عند إدراجه في السوق.. أخيراً، وبعد ولادة بدت متعسرة، تم الإفصاح عن نتائج الاكتتاب في الأسهم المطروحة لشركة الاستثمار القابضة. فالاكتتاب الذي تم الإعلان عنه بشكل مفاجئ ودون مقدمات، قد تم تمديده لأسبوع ثالث، ثم تأخر الإعلان عن النتائج لأكثر من أسبوع، وكانت المفاجأة بعد ذلك الإعلان عن تغطية ضعيفة تقل قليلاً عن 30% من رأس المال، أو نحو 49.7% من الأسهم المطروحة. وكان آخر اكتتاب لشركة مسيعيد قد تمت تغطيته بالكامل خمس مرات -أي 500%، وتم تغطية اكتتاب شركة الريان من قبل بأكثر من 1500%. وذلك يؤكد أنه ربما كانت هنالك أخطاء ما في الحسابات قد أوصلتنا لهذه النتائج الضعيفة. فهل كان ذلك بسبب الاستعجال في إجراء الاكتتاب دون التمهيد والتحضير له جيداً، أم لأن نشرة الاكتتاب لم تكن بذلك المستوى الذي يليق بحدث انتظرت البورصة والمستثمرون مثله طويلاً؟ أم لأنه كان هناك غموض وعدم شفافية في بعض تفاصيل الاكتتاب؟ لقد سبق أن اطلعت على نشرة الاكتتاب وتمنيت لو أنه قد تم عمل ملخص لها يركز على الأساسيات بدلاً من ترك المستثمرين يتوهون في معلومات كثيرة غير مهمة... وأدهشتني تلك التفاصيل الزائدة عن حجم المخاطر التي قد يتعرض لها المكتتبون في المستقبل. وتساءلت عن دور الهيئة وإدارة البورصة في تمرير هكذا مشروع اكتتاب دون أن تتوافر له عوامل النجاح الكافية. صحيح أن المستثمرين في قطر والبورصة كانوا ولا يزالون متعطشين لاكتتابات جديدة ناجحة في ظل حالة من الضعف تعاني منها فرص الاستثمار الأخرى، وصحيح أن عدد الاكتتابات التي تمت منذ تحول سوق الدوحة للأوراق المالية إلى بورصة، تكاد لا تزيد عن بضع شركات في نحو 8 سنوات، إلا أن ذلك لا يعني التساهل في شروط تنفيذ أي اكتتاب جديد، إذا لم تتوافر له عناصر النجاح الكافية، وخاصة أن هناك إدارة متفرغة في الهيئة لمثل هذا الغرض مهمتها التحقق من سلامة كل الشروط اللازمة. وكما هو معروف، فإن نجاح أي اكتتاب ينعكس إيجاباً على وضع البورصة ويزيد الثقة في تعاملاتها، والعكس صحيح. وأود بهذه المناسبة، أن أشير إلى أن الشفافية كانت تبدو غائبة عن الموضوع ومن ذلك مثلاً أن الصحف نشرت أثناء فترة الاكتتاب خبراً مفاده أنه قد تمت تغطية 70% من الأسهم المطروحة.. وكان ذلك غير صحيح، ولم يخرج أحد لينفي أو يوضح أن التفاصيل تشير إلى أن 70% كانت من حصة الأفراد فقط. ومن المسلم به الآن، أنه في ظل الظروف السائدة أثناء الاكتتاب، فإنه كان من الصعب جمع قرابة نصف مليار ريال لهكذا مشروع، حيث اتجهت أغلب البنوك لإصدار سندات وصكوك في الأسواق العالمية، وحيث إن نسبة القروض إلى الودائع في الجهاز المصرفي كانت تزيد على 118%، وحجم تداولات البورصة ينخفض للسنة الثانية على التوالي بعد انتعاشه في عام 2014. ومن جهة أخرى، فإن كلمة السر في نجاح أي اكتتاب هي ما يتصل به من إغراءات ووعود بشأن توزيعات الأرباح، وسعر السهم عند إدراجه في السوق. ومن هنا كان الإقبال على الاكتتاب في سهم مسيعيد بسبب ما اقترن به من وعود بتوزيع أرباح في نهاية السنة، ومن منح نصف سهم مجاني لكل من يحتفظ بالسهم بعد الاكتتاب لمدة خمس سنوات. ولكن ذلك الشيء كان غائباً عن اكتتاب الشركة القابضة للاستثمار... فالاكتتاب حدث في بداية السنة أي في شهر يناير، ولم يتم الإعلان عن النتائج الكاملة عن عام 2016، وأي حديث عن الأرباح للشركة في وضعها الجديد لم يكن ليحدث قبل سنة كاملة، والأرباح المرحلة لدى الشركة لم يكن مآلها واضحاً إذا ما كانت تخص مؤسسي الشركة، أم يمكن توزيعها على المساهمين الجدد؟ وقد كان من المفترض بعد الإعلان عن النتائج توضيح الخطوة التالية: فهل يتم تدارك النقص الحاصل في الحد الأدنى المطلوب لضمان إدراجها في البورصة عن طريق قيام جهة ما بالاكتتاب بما يرفع المبلغ المكتتب به إلى 40% من رأس المال؟ أو أن يصدر استثناء من الهيئة لجهة إدراج الشركة، وعندها يجب أن يقترن ذلك بترتيبات محددة بشأن حجم رأس المال وعدد الأسهم. إن الحرص على نجاح أي اكتتاب، هو بالضرورة من أجل بقاء البورصة قوية، فقد أدت الاكتتابات الناجحة من قبل إلى ارتفاع المؤشرات وأسعار أسهم كل الشركات، وأحجام التداولات بصورة طبيعية وغير مفتعلة، وأي ضعف لأي اكتتاب قادم سينعكس بالضرورة سلباً على أداء البورصة.