18 سبتمبر 2025
تسجيلمهما شرّقت وغرّبت وطالعت في تاريخ وسيَر الأولين، ستجد أن كثيرين من أصحاب النهايات الأليمة، على اختلافها وتنوعها، كان حب الاستحواذ على الشيء أو الأشياء، أو الطمع فيما عند الغير، أو أنانية في غير محلها، من أسباب نهاياتهم. قابيل، أحد أبناء آدم، نهايته كانت أليمة. الطمع فيما عند غيره، كان سببها الرئيسي، بل أول من ارتكب جريمة قتل نفس بريئة، حتى صار قدوة لكل قاتل، وصاحب سنّة سيئة إلى يوم الدين.. وقس على ذلك ما قام به جبابرة وأباطرة وملوك وزعماء على مدار التاريخ، وإلى يوم الناس هذا، من تصرفات وأفعال دموية وحشية، أهلكت الحرث والنسل. سلوكيات أولئك البشر، إنما هي ترجمة حقيقية على أرض الواقع، لأطماع النفوس أو أنانية بالغة أو حب شديد للاستحواذ وامتلاك ما عند الغير، بصورة أو أخرى، وإن كانت بغير وجه حق هي الصورة الغالبة، لأن التراضي وتبادل الأملاك والخيرات، لا يفرز دماء تسيل ولا أرواحا تُزهق. إن مرض الطمع والاستحواذ على ما عند الغير، أو تلك الأنانية البشعة المتمثلة في حب تملك الأشياء، ومنع الآخرين منها، إنما هي أمراض نشأت منذ الصغر لم يتم التنبه إليها مبكراً، بل ربما وجَدَتْ بيئات مشجعة أو داعمة لها بشكل او آخر، حتى إذا تضخمت وتغلغلت بالنفس، صارت أمراضاً قلبية، الشفاء منها عسير والسيطرة عليها أمر غير يسير، فتؤدي بصاحبها إلى نهاية غير سعيدة، كنتيجة أخيرة نهائية. ما انتشرت الحروب والصراعات بين البشر، سواء على شكل أفراد أو جماعات وأحزاب، وصولاً إلى الدول؛ إلا نتيجة مرض الطمع فيما عند الغير، أو حب تملك الآخرين، أو أنانية عميقة لا تحب الخير للغير.. ولأن البشر ما زال كثيرٌ منهم ينشأ على مثل تلك الأمراض، نجد الأزمات والمشكلات والحروب والصراعات مستمرة إلى ما شاء الله لها أن تستمر، ولا سبيل للخلاص من تلك الأمراض إلا عبر تعميق الإيمان بالله، الخالق العادل، وبحياة أخرى قادمة لا ريب فيها، سيأخذ فيها كل ذي حق حقه، ولا يظلم ربك أحدا.