13 أكتوبر 2025

تسجيل

الجدران صفحات المجانين

19 فبراير 2014

هناك ظاهرة قد تكون موجودة في معظم البلدان، وهي ظاهرة الرسم والكتابة على الجدران، والمجنون هنا ليس بالضرورة أن يكون مختلاً عقلياً، فقد يكون سليماً ولكنه لا يعي الثقافة المجتمعية بصورةٍ جيدة بما في ذلك ثقافة النظام والنظافة، وصحائف المجانين هي عبارة يطلقها البعض على الذين يكتبون ويرسمون للفت النظر، فيعبرون عن مشاعرهم على حيطان المدارس والمستشفيات والمرافق العامة، كما يسميها بعضٌ آخر (الحيطان ألواح المجانين) أو (دفتر المجانين)، فلماذا لا نترك المباني وجدرانها نظيفة، فهي عنوان للبلد، لنبرز الوجه المشرق للمناطق بما فيها من مبانٍ وشوارع وحدائق بحفظها نظيفة ومنظمة تسر الناظرين وتُفرح الزائرين.. إذن من الذي يكتب على الجدران ولماذا؟ في تقديري فئة الشباب قد تمثل الغالبية العظمى وخصوصاً المراهقين منهم، أما سبب الكتابة على الجدران فقد يختلف من شخصٍ لآخر، فهناك من يريد أن ينفس عما بداخله من شعورٍ يصعب عليه أن يمارسه على الواقع، أو الكتابة على الجدران كمحاولة لإثبات الذات وكأنه أنجز شيئاًَ يمكن أن يُخلِّد ذكراه، وهناك الكبت النفسي وعدم الرضا عن وضعٍ معين، خصوصاً عندما لا يجدون الأذن الصاغية وحسن الاستماع لتلبية رغباتهم تجاه هدف معين يريد أن يصل إليه هذا الشخص، إن كان الهدف اقتصاديا أو اجتماعيا، وقد يكون سياسياً أو غير ذلك.وهناك من يشجع فريقاً رياضياً معيناً فيبدأ بالتعزيز والمؤازرة، ووقفته مع فريقه بالتشجيع في شكل رسوم وكتابات على جدران المباني، هذا إن لم تكن عبارات حب وهيام يعبر بها المراهق، وهناك أيضا عبارات السخرية ورسائل تصل إلى الجهات التي يعنيها هؤلاء المراهقون بطريقة غير مباشرة، لصعوبة الوصول إليها على أرض الواقع، وهناك فئة مستنكرة ترفض ظاهرة الكتابة على الجدران، فيكتبون في المقابل (رجاءً لا تكتب على الجدران) ناسين أنفسهم بأن ما يكتبونه من تأييد أو رفض على الجدران يعتبر خطأ في حد ذاته، فالمعارض أو المؤيد مادام يكتب على الجدران فهو مخالف، وقد يكون سبب الكتابة على الجدران هو التخريب أو سوء التربية التي ينجم عنها السلوك العدواني والإضرار بممتلكات الآخرين. أيضاً من أسباب الكتابة على الجدران وجود الفراغ الكبير الذي يعيشه البعض بسبب العطالة وعدم العمل، فيحول ما يجيش بخاطره إلى ممارسات خاطئة كهذه التي يمارسها، حيث إن هذه الظاهرة غير حضارية، وهناك من هو موهوب في الرسم أو الخط اليدوي فيحاول إبراز موهبته وقدرته في الرسوم والخطوط على الجدران.أخيراً يمكننا أن نغرس مبادرة النظام والنظافة بالتوعية، فالمجتمع فوق الجميع، ولتبتكر المجتمعات حلولاً لهذه الممارسات الخاطئة بتوعية الشباب والمواطنين عموماً بمنع كل من يخالف، ونصح كل من يخرج عن المألوف، وتكثيف التوعية بالمدارس بتوزيع النشرات والمطويات، واللوحات الإرشادية لتعزيز السلوك الإيجابي، وغرس مفهوم التربية الوطنية والولاء للوطن، وإرسال الرسائل النصية القصيرة عبر الهاتف الجوال، وعبر البريد الإلكتروني، وبإقامة الندوات والمؤتمرات لتوضيح أن ما يُكتب على الجدران يشوه المنظر العام ويدل على صورة سلبية للبلد الواحد، كما أن للإعلام المنظور والمسموع دورا لوقف هذه الظاهرة، والتعاون بين البيت والمدرسة والمجتمعات المحلية عموماً، وفوق كل هذا يمكن ملاحقة من يكتبون ويرسمون على الجدران بالاستفادة من مواهبهم، فقد يكونون رسامين أو خطاطين!! وبتدريب هؤلاء يمكن الاستفادة منهم في رسم الأشكال الجمالية بمواقع البلد، بدلاً عن عقابهم ومحاسبتهم.