12 سبتمبر 2025

تسجيل

بحثاً عن الوعي بين الطبقة الوسطى!

19 يناير 2021

أحياناً نتغافل عن الصورة الداخلية، ونركز في غالبية الوقت على ما هو خارجي ولربما نعيش مع الصورة الخارجية لوقت طويل لدرجة تناسينا التركيز على تلك الصورة وما بداخلها من تفاصيل قد تساهم في تغيير مجرى ما أصبح معتاداً عليه. ومن هنا نظرت في صورة الطبقة الوسطى السائدة، فهي الطبقة التي ضمت الشريحة الكبيرة لأفراد المجتمع بما فيها من مهنيين، تجار، وحتى عساكر. إذ تعتبر هذه الطبقة الأكبر حجماً والأسرع نمواً، فالغالب متشابه هنا، إما بالمهن أو بالفرص المتاحة وحتى في الخدمات المقدمة، إلا أنه لا تزال هذه الطبقة لا تعي بنفسها بحسب وصف جورج جورفيتش، حيث ينقصها للوعي الطبقي وذلك لعدم إدراكها لمصالحها وقيمها. وهنا أطرح عدة تساؤلات قبل الحديث بإيجاز ما إن كان هناك وجود أو غياب للوعي الطبقي. هل هناك حاجة للطبقة الوسطى أن تعي بنفسها؟ وما غرض هذا الوعي الطبقي؟ وللبدء في الإجابة على هذين السؤالين، من المهم أن ننظر إلى المعيار المساهم والذي يقوم عليه التمييز الطبقي، والذي عبر عنه موريس هالفاكس من خلال التمييز في قوة الذاكرة الجماعية التي تنتقل عبر الأجيال المتعاقبة، بعكس ضعف انتقال الذاكرة الجماعية بين الطبقة البرجوازية كما شرحت كلثم الغانم في كتابها " المجتمع القطري: من الغوص إلى التحضر"، التي عملت على إبقاء حدود وفواصل بينها وبين غيرها من الجماعات، إذ حلت مكان الذاكرة الجماعية الأخلاقيات التي تتبع المضمار التجاري التقليدي، بالتالي أصبحت الطبقة البرجوازية محدودة الانتقال الطبقي. ولكن إن نظرنا في الطبقة الوسطى، فعلى الرغم من شريحتها الاجتماعية الكبيرة، إلا أنها تتسم بضعف رغبتها في تطوير سياسة طبقية بالنسبة لها، إذ لديها الذاكرة الجماعية المتواردة مع الأجيال، ولكنها ضعيفة وغير فعالة، فلا تجد أي إشكالية بتطوير ميولهم السياسية والوعي حول ضعف فرصهم في الارتقاء الطبقي. وكما هو واضح بأن الطبقة الوسطى لديها الوعي في التمييز الطبقي وذلك عبر معرفة الوسائل المعنية للصعود الطبقي والتي تتضمن النفوذ الاقتصادي، السياسي والقبلي. نستنتج بإيجاز بأن الطبقة الوسطى ينقصها الوعي الطبقي ولكنها تعي بإمكانياتها المحدودة والتي تنحصر في نفوذ سياستها في قطاع العمل، فلا تعتبر هذه الشريحة الكبيرة كمصدر تهديد للطبقات الأخرى. إذ من الصعب أن تعي الطبقة الوسطى بنفوذها طالما لا تتوفر فيها وسائل الصعود الاجتماعي والتمكين التي من شأنها قد تكون مصدر قوة للارتقاء الطبقي. ومن هنا استطعنا أن نتعمق في تفاصيل الصورة، لربما كانت سببا في خلق ذاكرة جماعية جديدة لشريحة اجتماعية محلية سريعة النمو والتطوير!. [email protected]