12 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); منذ العام 1990، ساد في الأوساط العالمية المختلفة مصطلح "القوة الناعمة"، عندما صاغ جوزيف ناي- الأستاذ في جامعة هارفارد- هذا المفهوم، عبر كتابه المعنون "مُقدرة للقيادة: الطبيعة المتغيرة للقوة الأمريكية"، مشيرا إلى أنه قام بتطويره سنة 2004 عبر كتاب آخر عنونه بـ"القوة الناعمة: وسائل النجاح في السياسة الدولية".ومن وقتها ذاع المصطلح، واتسعت آفاقه، وأصبح يلتصق بكل ما يمكن أن يضاد القوة الصلبة. ومن بين ما تأثر بهذا المصطلح، كان الوسط الثقافي بكل اتجاهاته، لدرجة أن كثيرين حصروا هذه القوة في الثقافة، وأن دورها يمكن أن يكون مرادفاً للسياسة، بعدما أعيت الجميع، حكاماً وشعوباً.ورأى نفر من المثقفين أن الثقافة يمكن أن تقوم بالأدوار التي تعجز عنها السياسة، أو أنها يمكن أن تصلح ما تفسده السياسة، أو أنها يمكن أن تكون قاطرة لتنشيط سياسي بين الدول. وربما تكون كل هذه المفاهيم صحيحة، ما حدا بالبعض التأكيد على أن الثقافة أصبحت هي القوة الناعمة بامتياز، وأنها يمكن أن تفعل ما لا يفعله غيرها.وعلى مدى أكثر من 20 عاماً تقريباً، زرت قرابة 30 دولة عربية وأجنبية، تحت هذا المفهوم، بأن الثقافة هي قاطرة أي فعل سياسي أو تنموي أو إبداعي، لما لها من قدرة على الولوج إلى العقول والقلوب، عبر ما تحمله من مضامين إبداعية ودلالات فكرية متنوعة، وأن الخلاف بشأنها، لا يمكن أن يصل إلى حد ما يعرفه الفقهاء باختلاف "التنوع"، وليس اختلاف "التضاد".هذا الاختلاف يعطي للثقافة قدرة وحيوية على التكيف فيما هو واقع، وأنها قادرة على أن تكون طوق نجاة للعديد من الأزمات التي يفتعلها السياسيون، أو يقع فيها المسؤولون. ولذا نجد أن من يفهم أهمية الثقافة، فإنه يسرع باستخدامها كقوة ناعمة، إما لإبرازها بشكل صحيح، كونها تعتمد على مرجعيات تاريخية أو تراثية، أو يعتبرها البعض تكئة، يجد فيها ما يمكن أن يعوضه عن نقص يعانيه في قوته الصلبة، بكل معانيها، أو أنه يمكن استخدامها في تلطيف الأجواء بين الدول، جراء تعكيرها سياسياً.وفي الحالتين، تكمن قيمة الثقافة، ومن ثم تنبع أهميتها، ما يسترعي النظر إلى خطورة ما تحدثه من تأثيرات، وأنها بقدر ما يمكن أن تكون وسيلة لهدم العقول بما تحمله من إبداعات تخريبية، فإنها يمكن أن تكون وسيلةً أخرى لإنارة العقول، لتصبح بحق مفهوماً حقيقياً للاستنارة، بعيداً عن شعارات الاستنارة الزائفة.