02 نوفمبر 2025

تسجيل

الانتخابات الإسرائيلية والعلاقات مع تركيا

19 يناير 2013

بعد أيام قليلة يتوجه الناخبون الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في الكنيست. ولا يبدو أن مفاجآت ستقع إذ هناك إجماع على أن رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو سوف يعود رئيسا لحكومة ائتلاف يمني. ومهما كانت النتائج فإن الخط العدواني للحكومات الإسرائيلية واحد لا يتغير. فليس في إسرائيل يمينيون ويساريون ووسط بل مجموعات تنظر إلى كيفية تحقيق المصالح الإسرائيلية في الاستيلاء على ما تبقى من أراض فلسطينية محتلة وفي قيادة المؤامرات لإضعاف العرب وتقسيمهم وتشكيل رأس حربة لحماية لمصالح الغربية في المنطقة.هذا هو الدور الذي يناط للكيان الغاصب القيام به منذ 65 عاما. غير أن نتائج الانتخابات الإسرائيلية سيكون لها وقع ما على العلاقات مع تركيا. تركيا كانت منذ السنة الأولى لتأسيس الكيان الصهيوني الداعم المسلم الأول لها في العالم. وشكّل البلدان ثنائيا يطبق على عنق الأمة العربية في أكثر من مناسبة ومنعطف. وقد كان الاعتراف بإسرائيل مثلا في العام 1949 جواز مرور تركيا إلى عضوية حلف شمل الأطلسي بحيث أن عضوية تركيا الأطلسية وعلاقاتها مع إسرائيل وجهان لعملة واحدة ومتلازمان. ولم تختلف في النظرة إلى العلاقة مع إسرائيل أية حكومة تركية سواء كان يسيطر عليها علمانيون أو عسكريون أو إسلاميون. ولم يختلف الأمر كثيرا مع وصول حزب العدالة والتنمية الحاكم الآن ومنذ عشر سنوات في تركيا حيث تحالف البلدان في أكثر من مجال واستمرت العلاقات الاقتصادية حتى هذه اللحظة في التعاظم. المحطة التي تركت أثرا على العلاقات الثنائية كان العداون الإسرائيلي على أسطول الحرية أو ما يطلق عليه الأتراك"حادثة مرمرة الزرقاء" في إشارة إلى إحدى سفن الأسطول التي هاجمها الإسرائيليون في نهاية مايو 2010 وقتلوا تسعة أتراك على متنها. لم تنقطع الاتصالات والعلاقات حتى الدبلوماسية بين البلدين لكنها تراجعت إلى حدود دنيا باستثناء العلاقات الاقتصادية التي استمرت،كما أشرنا قبل قليل،قوية وفي نمو. وتعقدت العلاقات عند مطلب تركيا من إسرائيل الاعتذار عن الحادثة والتعويض. وإذا كان التعويض سهلا غير أن طلب الاعتذار ووجه برفض إسرائيلي ولا يزال.ومنذ ذلك الوقت طرحت صيغ عديدة للاعتذار رفضتها كلها تركيا وطالبت باعتذار واضح وليس مواربا.وغالبا ما يشير الإسرائيليون إلى صيغة الاعتذار الأميركية من الاعتذار من باكستان على مقتل مدنيين باكستانيين في غارات أمريكية على المدنيين الباكستانيين. غير أن الأتراك يعتبرونها تأسفا وليس اعتذارا. وعند هذا الحد لا تزال العلاقات التركية – الإسرائيلية عالقة. مؤخرا سرت أنباء عن لقاء عقده أمين وزارة الخارجية التركية فريدون سينيرلي أوغلو مع مساعد وزير الخارجية الإسرائيلي داني أيالون في واشنطن على هامش زيارة المسؤولين إلى الولايات المتحدة وقد كانا ينزلان في الفندق نفسه. أنقرة نفت حصول أي لقاء لكن المناخ السائد في أنقرة أن تطورا نوعيا قد يحصل بين البلدين بعد الانتخابات الإسرائيلية. وتراهن أنقرة على أن وزير الخارجية الحالي أفيغدور ليبرمان لن يكون ضمن الحكومة الجديدة بسبب محاكمته في قضايا فساد وهو الذي كان أبرز المعارضين لاعتذار إسرائيلي رسمي لتركيا وكان نتنياهو مضطرا لمسايرته نظرا لحاجته إلى أصوات "إسرائيل بيتنا" الذي يترأسه ليبرلمان وله وزن كبير في الداخل. وما يزيد من احتمال حدوث تطور في العلاقات بين البلدين بعد الانتخابات هو رغبة أنقرة في استعادة هذه العلاقات لكن بالطبع ليس على حساب التخلي عن مطلب الاعتذار. ذلك أن تركيا وجدت نفسها في السنتين الأخيرتين أمام انهيار شامل لنظرية صفر مشكلات حتى مع إسرائيل.وأثناء أحداث غزة الأخيرة برز الدور المصري إلى الواجهة فيما كانت تركيا عاجزة حتى عن التحادث مع الإسرائيليين وهو ما دفع بنائب رئيس الحكومة التركية بولنت ارينتش إلى الدعوة لعودة العلاقات التركية- الإسرائيلية. ان عودة تركيا إلى دورها الإقليمي الوسيط يعيد لتركيا بعضا من تأثيرها الذي فقدته لكن المفارقة أن تكون العودة المحتملة لهذا الدور من البوابة الإسرائيلية. وهو ما لا يسرّ عربيا ولا مسلما.