15 سبتمبر 2025
تسجيلشهد عدد من الدول العربية حملة واسعة لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية والعلامات التجارية العالمية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، وذلك على إثر الحرب العبثية التي يشنها قوات الاحتلال على قطاع غزة وعدد من مدن الضفة الغربية والظروف القاسية التي يعيشها الشعب الفلسطيني. وعلى مر التاريخ أثبتت الشواهد أن المقاطعة الاقتصادية تعتبر سلاحا فعّالا واسلوبا للضغط والردع على الدول والعلامات التجارية العالمية لما يمكن ان تلحقه من أضرار بالغة تخلف خسائر اقتصادية فادحة للدول والجهات المعنية بالمقاطعة. ووفقا لدراسات تحليلية اقتصادية وسياسية صادرة عن خبراء ومتخصصين فإن سلاح المقاطعة يمثل وسيلة مهمة جدا في الخلافات والنزاعات الدولية، حيث إن دول الغرب والولايات المتحدة الأمريكية تستخدم أسلوب المقاطعة مع الدول التي تختلف معها سياسيا. وعليها فإن مقاطعة الشركات العالمية الكبرى الداعمة للكيان الصهيوني تعتبر سلاحا فعالا للضغط وردع هذه الشركات خصوصا وانها تلعب دورا محوريا في ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي للدول الحاضنة لتلك الشركات. نجاح حملات المقاطعة تكشفها تقارير صحفية بعدد من الدول العربية أشارت إلى أن عددا من العلامات التجارية العربية منحت موظفيها إجازة شهرين نسبة لانخفاض المبيعات بسبب هذه الحملات التي ألحقت بهذه الشركات خسائر مادية كبيرة. واستقراء للتاريخ فإن المقاطعة الاقتصادية قد تؤتي ثمارها في كل الحالات إذ إن حجم تأثيرها مرتبط بالقدرة على التعبئة الجماهيرية للانخراط فيها. وفي هذا السياق نطرح أسئلة مهمة.. عن هل نستطيع الاستغناء عن المنتجات الغربية والأمريكية؟ هل نستطيع التخلي عن التكنولوجيا التي يصدرها لنا الغرب؟ هل نحن قادرون على ممارسة حياتنا بدون غوغل وإكس وفيسبوك واسنتغرام وغيرها من التطبيقات الرقمية؟ هل يمكننا السفر دون استخدام الطائرات التي تصنعها أمريكا والدول الغربية؟ هل نحن جادون في المقاطعة أم أن الأمر لا يعدو كونه نوعا من إرضاء الذات والشعور بالعجز حيال نصرة أشقائنا في فلسطين؟. الإجابة على هذه الأسئلة تقودنا إلى ما يحفل به التاريخ المعاصر من دول كسرت الهيمنة الاقتصادية واستطاعت هذه الدول تأسيس اقتصادات قوية ونهضة صناعية وزراعية يحتذى بها تنافس الدول المتقدمة، من قبيل تجربة كل من الصين وسنغافورة وتركيا التي اعتمدت على إمكانياتها الذاتية واستطاعت أن تحتل مراكز اقتصادية وتجارية متقدمة في خريطة الاقتصاد العالمي. وفي نفس السياق يجدر ذكر تجربة قطر خلال السنوات القليلة الماضية حيث إنها حققت نهضة منقطعة النظير في المجالات الصناعية والزراعية وتوجيه استثمارات الدولة والقطاع الخاص نحو توفير احتياجات السوق المحلي من السلع الاستهلاكية وصولا للاكتفاء الذاتي وتحقيق الأمن الغذائي، وذلك من خلال منتجات ذات جودة عالية تنافس المنتجات المستوردة. وفي مطلق الأحوال فإن الأحداث التي يشهدها العالم حاليا تتطلب اتخاذ خطوات مدروسة من قبل الحكومات العربية والإسلامية تعتمد على تعزيز الوعي الجماهيري وتوفير التسهيلات اللازمة لدعم المشاريع الوطنية لتحقيق الأهداف المنشودة المتمثلة في النهضة الاقتصادية والتنمية المستدامة، هذا بالإضافة إلى فرض ضرائب عالية على البضائع والمنتجات المستوردة لدعم وتشجيع المنتج المحلي، الأمر الذي يرفع قيمة الاقتصادات المحلية ويخلق فرصا للعمل تحل مشكلة البطالة التي يعاني منها عدد من الدول العربية والإسلامية.