11 سبتمبر 2025
تسجيلجَمَعَنَا أفراداً وجماعات همٌ مشترك، تكالبت علينا الأمم، واجتمعت الدنيا علينا، وما زلنا لا نعي دورنا كأفراد في عالم يزداد صغراً، وما أسهل ما تنطلق الكلمة فيه من مكانها ليعلو صداها زوايا الشرق والغرب، وتصدح في كل بيت وشارع على الكرة الأرضية. واحسرتاه! أوشكنا أن نحمل أكفان قضية فلسطين على أيدينا، نشاهد ونستمع، ننتظر ونترقب، وواثقين بأن شيئاً ما سيحدث في أفق الأمل الضائع، ونرقب الأحداث بألسنة معقودة وأيدٍ مكتوفة، ثقتنا المتواكلة أبطأت حركتنا، وتُهْنَا إلى أن ضِعنا داخل عجلة الأحداث المتسارعة. نسينا قوة الكلمة، لا أقصد تلك الكلمات التي ينادي بها المتظاهرون، ولا التي يتغنى بها المغنون، ويتشدق بها الثرثارون، هي كلمات تقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، هي كلمات توجه للمَعْنيِّ ومن يستحق سماعها. نعم شيوخنا الأفاضل الشيخ الشعراوي والشيخ أحمد يس رحمهم الله فسروا وحللوا وأصابوا، اشتعلت مواقع التواصل الإجتماعي بتفسيراتهم وبأن النصر قريب، كما أن الخلاف بين الحق والباطل من سنن الله في الكون، وهو قائم إلى أن تقوم الساعة، وتدافع الحق والباطل حراك مستمر، وحركة الإنسان في الحياة دؤوبة حتى لحظة وفاته، ولو كان بيد أحدكم فسيلة وقامت الساعة فليغرسها، وملحمة الإنسان في معركة التدافع منوطة بالإنسان ذاته، ومن المبادئ الإسلامية في تربية الفرد أن الإصلاح يبدأ بالنفس أولاً، يُصْلِحها ويُهَذِبَها ويُربيها ويُقَوِيها، وإذا صلحت صلح المجتمع كله، المغزى أنَّ كل إنسان سيُسْأل عن عمله ونفسه، وفي المحن والشدائد تتوحد الجهود والطاقات، وتصبح حركة الصمود والتصدي والنضال واجبة على كل فرد سواء كان داخل الحدث أوخارجه، قَرُب النصر المؤَزَّر أَم بَعُد، كل فرد يَؤُز ويَكِد في هذه الحياة، ليُدلي بما يجود به من عمل وقول وكلمة، لإعلاء كلمة الحق ودَحْر كلمة الباطل، والفوز الحقيقي البدءُ بالعمل فرداً فرداً، بلا تمني ولا تواكل. إنَّ شدة الأزمة ملأت صدورنا حُرْقَةً ولَظَىً، حتى صارت خيوط الأمل التي عادةً تنسجها لنا الشخصيات الفذّة، أو توقعات المراقبين والمختصين، ذائبة لا تُشْفي غُلَّ أصحاب الحق، ولا تعني للمناضل المحترق استشراف النصر، لأنه عَلِم أَن ما يصنعه بنفسه وبيده هو الذي يُعلي علم النصر والعزة. البعض قد يندفع بحماس وجرأة مُحَفزَّاً بعاطفته فقط دون تفكير ولا تخطيط، وآخرون يعرفون الحق ويعرضون عنه ويتعامون عن دلالاته اتباعاً لهوى وتغافلاً عن الآخرة، وقد يصل الأمر لبعضهم أن يجادلوا بهدف إعلاء الباطل على الحق، والبعض ينكرون الحق ويعارضونه كليةً، وآخرون ضالين مضلين، أيّاً كنت منهم تذكر أنك ستسأل عن عملك أنت، سواء النصر المؤزر الآن أم فيما بعد، يبقى الأمر أمر الله تعالى: «وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا» والتعويل هنا يكون على أولي الألباب الذين يدركون حقيقة واحدة أن اليوم عمل وغداً حساب. المهم ألاَّ نُعَلِّق أملنا ببشائر النصر على حساب التوكل بمعناه الشرعي الحقيقي، الأمل معقود، لأن القرآن والسنة تنبؤوا به، ومن أصدق من الله حديثاً، لكن الأيام دواليك، وهناك كرٌّ وفر، صعود وهبوط. إنَّ اقتران الأخذ بالأسباب عملياً مع الإيمان المطلق بالنبوؤات اليقينية ترقى بالإنسان لأعلى درجات الفهم والتطبيق فكراً ومنهجاً، والفرد الموجود خارج الملحمة يمتلك وسائل وأدوات بسيطة متاحة بين يديه، قد تفعل فعل الأعاجيب في عصر التكنولوجيا المتقدم، إن التوازن ما بين العقلانية والعاطفة، يتطلب حُسن توظيف العقل والمشاعر عبر القنوات المتاحة. جهادنا يكون حيث وُجدنا، وبما في وسعنا وطاقاتنا، وبما يسمح به مكاننا وموقعنا وإمكانياتنا، الذكاء يكمن في كيفية تفعيل ما باليد لنصنع منه الأثر الفعَّال والمطلوب، نعم نحن لسنا داخل الأرض المحتلة، ولا نقول إلا «حسبنا الله ونعم الوكيل»، نحن الآن بحاجة لأفراد أقوياء النفوس، سليمي العقول، يمتلكون من المهارات ما يكفي لمواجهة أعتى التحديات وبالوسائل العصرية وبلغة ومنطق العدو.