13 سبتمبر 2025
تسجيلما هو النهج الذي ستتبعه القوى الكبرى في التعامل مع الصراع الأخير في غزة والهجمات الإسرائيلية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني؟ فمن المفهوم أن الغرب لم يكن راغباً في تغيير الوضع الراهن الذي صممه في الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن القوى الكبرى الأخرى لا ترى تغييرا كبيرا. على سبيل المثال، قال الرئيس الروسي بوتين إن إسرائيل كانت ضحية لهجوم مروع وإن لها الحق في الدفاع عن النفس ضد «الوحشية» غير المسبوقة لهجوم حماس وشدد على الحاجة إلى وقف إطلاق النار وحل الدولتين. وضمن تفاهم مبطن مع الولايات المتحدة، فإن لروسيا مصالح في سوريا وليبيا والعراق، لذا ستحاول الحفاظ على مصالحها هناك. وحتى حرب أوكرانيا لم تغير فهمهم المتوافق لمستقبل الأسد وحفتر. وتحاول روسيا الموازنة بين حماس وإسرائيل، وبين إسرائيل وإيران.. الموّردة الرئيسة للطائرات الانتحارية بدون طيار، في حرب روسيا على أوكرانيا. ومن المثير للاهتمام أن روسيا تتمتع بعلاقات جيدة مع اليمين المتطرف الإسرائيلي (نتنياهو وليبرمان) بينما تدعم حليفتها إيران حماس. ومن ناحية أخرى، نلاحظ أن المؤسسات الروسية مثل المخابرات ووزارة الخارجية تميل نحو العرب، وتربطهم علاقات وثيقة منذ العهد السوفييتي. وباعتبارها قوة عظمى كبرى، فإن الصين، التي تحاول موازنة علاقاتها مع الأطراف المتحاربة، انتقدت بشكل غير مباشر هجمات حماس دون تسميتها. ومع تفاقم الوضع في غزة، أصبحت الصين تنتقد الإجراءات الإسرائيلية، حيث قال وزير الخارجية وانغ يي إن «تصرفات إسرائيل تجاوزت الدفاع عن النفس ويجب على إسرائيل ألا تنفذ عقابًا جماعيًا لسكان غزة». ومع اتباع نهج غير بارز في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط، فإن الاهتمام الرئيس للصين هو تأمين طرق التجارة في الشرق الأوسط، وهو ما ينعكس في قاعدتها العسكرية في جيبوتي لمنع القرصنة ضد السفن الصينية. ومنطقة الشرق الأوسط مهمة بالنسبة للصين، فهي تشتري منها نصف احتياجاتها من النفط و 15 في المائة من وارداتها من الغاز الطبيعي. ومن المتوقع أن ترتفع هذه المعدلات في المستقبل أيضًا. ومن دون الانحياز إلى أي طرف في الصراع، تدعم الصين حل الدولتين في فلسطين. وقد تفكر الصين في التوسط بين إسرائيل وفلسطين كما فعلت بين إيران والمملكة العربية السعودية. علاوة على ذلك، هناك اختلافان بين سياسات الصين والولايات المتحدة فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني. أولاً، لا تشعر الصين بضغوط داخلية تدفعها للتدخل في الصراع. ثانياً، ليس لدى الصين حلفاء للدفاع عنهم في الشرق الأوسط. ومع تقاليدها في العالم الثالث، انحازت الهند تاريخياً إلى جانب العرب لأنها كانت أول دولة غير عربية تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية. ومع ذلك، قام مودي القومي الهندي بتغيير هذا النهج في السنوات الأخيرة. وبعد هجمات حماس، خرج مودي لدعم إسرائيل وقال إن حماس منظمة إرهابية. وحاولت وزارة الخارجية الهندية أن تبدو أكثر توازنا بعد تصريحات مودي. ومن ناحية أخرى، فإن 200 مليون مسلم هندي وغيرهم من غير المسلمين يتعاطفون تاريخياً مع فلسطين. إن ماضي الهند الاستعماري جعل الرأي العام هناك أكثر تعاطفاً مع فلسطين المحتلة. وفي عام الانتخابات، فإن نهج مودي المعادي للمسلمين يجعله أقرب إلى إسرائيل ونتنياهو. واليوم، تتمتع الهند وإسرائيل أيضًا بعلاقات عسكرية قوية جدًا. ومثلها كمثل الصين، تشتري الهند أيضاً نفطها من الشرق الأوسط وتريد إنشاء ممر اقتصادي عالمي عبر الخليج وإسرائيل إلى أوروبا كما أُعلن مؤخراً. وربما تعوق الأزمة الفلسطينية وعدم الاستقرار في إسرائيل هذا المشروع الصعب. وتواجه الهند أزمة دبلوماسية مع كندا (جارة الولايات المتحدة) التي اتهمتها بقتل زعماء السيخ في أراضيها. لم تدعم الهند الغرب في حرب أوكرانيا، لذا قد تحاول الآن بذل المزيد من الجهد لإرضاء الولايات المتحدة من خلال دعم إسرائيل.