14 سبتمبر 2025
تسجيلكان مما أنجزته هيئة قطر للأسواق الماليه مؤخراً حصولها على عضوية المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية المعروفة اختصاراً باسم "الأيوسكو". ولم يكن هذا الإنجاز بالأمر الهين حيث بُذلت من أجله جهود حثيثة على مدى السنوات السابقة، حتى جاءت لحظة التوقيع على اتفاقية الانضمام في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر. وقد تزامن هذا الحدث أو أعقبه مباشرة إتمام صفقة بين قطر القابضة وشركة يورونكست تم بموجبه بيع الثانية للأولى ما تبقى من حصتها في بورصة قطر والبالغة 12%، بحيث عادت ملكية البورصة خالصة لشركة قطر القابضة ، التي هي في الأصل شركة حكومية يملكها جهاز قطر للاستثمار. فما هي العلاقة بين الحدثين وما أهمية انضمام هيئة قطر لعضوية الإيوسكو؟ للإجابة على التساؤل الأول أعود بذاكرة القارئ إلى يونيو من العام 2009 – أي بعد عامين فقط من بدء الهيئة لنشاطها الفعلي- عندما وقع جهاز قطر للاستثمار ويورونكست على اتفاق شراكة استراتيجية مدته خمس سنوات تتملك بموجبه يورونكست على حصة نسبتها 20% في بورصة قطر، بهدف تحويلها إلى بورصة دولية وفقا لأعلى المستويات. وقد استفادت البورصة خلال السنوات الأربع الأولى من عمر الاتفاقية بالكثير من الخبرات على صعيد تطوير بنيتها الأساسية وأنظمتها، وتنويع الأدوات الاستثمارية المتاحة فيها، وتقديم المزيد من الخدمات للمستثمرين. ومن أهم تلك الإنجازات إطلاق البورصة القطرية في العام 2010 منصة التداول العالمية التي تتمتع بأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في مجال أنظمة التداول المطبقة لدى شركة يورونكست، مع إدخال أنواع جديدة ومعايير للأوامر ومزاد الإغلاق، حيث تعمل هذه التكنولوجيا الجديدة على تحسين الشفافية والكفاءة التشغيلية وبالتالي جذب قاعدة متنوعة من المستثمرين. كما شهدت فترة الشراكة الاستراتيجية مع يورونكست إدخال العديد من الآليات لتسهيل عمل المستثمرين بما في ذلك آلية التسليم مقابل الدفع، وآلية تزويد السيولة، ومبادرة إيداع أرباح المستثمرين في الشركات المدرجة في حساباتهم لدى البنوك القطرية، والعمل على إدراج أدوات استثمارية جديدة كالسندات، علاوة على الترخيص لعدد من البنوك بالعمل كأمناء للحفظ في البورصة القطرية وابتكار عدد من المؤشرات الجديدة، وإنشاء سوق للشركات الناشئة والسماح للبنوك بالعمل كوسطاء في البورصة. وقد كان مسك الختام في ذلك كله رفع تصنيف السوق القطرية لدى مؤسسة مورجان ستانلي من سوق مبتدئة إلى سوق صاعدة في شهر يونيو الماضي. ومع تحقق هذه الإنجازات واحداً تلو الآخر، وقبيل رفع تصنيف البورصة إلى بورصة صاعدة، فإن يورونكست قد تنازلت في سبتمبر 2012 عن حصة مقدارها 8% من البورصة إلى قطر القابضة، وذلك قبل أن يتم التنازل الكلي عن حصة 12% المتبقية في سبتمبر من هذا العام. هذه الإنجازات التي تمت للبورصة القطرية على مدى أربع سنوات من عمر الشراكة الاستراتيجية مع يورونكست، رفعت من شأن البورصة القطرية في المحافل الدولية ويسرت بالتالي حصول هيئة قطر للأ سواق المالية على عضوية المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية الإيوسكو. الجدير بالذكر أن الإيوسكو قد تأسست عام 1983، وهي تقوم بوضع المعايير الدولية لآليات الرقابة والاشراف على الأسواق المالية، والعمل على تطبيق مبادئ العدل والفعالية والشفافية في المجتمع المالي الدولي، وتوجب على جميع الدول الأعضاء فيها الاسترشاد بها وتلبية متطلباتها. وبالتالي فإن الحصول على العضوية المشار إليها هو بمثابة تأكيد على ما وصلت إليه هيئة قطر من قدرة رقابية وتنظيمية متميزة على السوق المالية، مما يؤثر بشكل إيجابي على ثقة المستثمرين، ويعكس قوة البنية التشريعية في السوق المالية في الدولة. وقد ترتب على العضوية أن أصبحت قطر عضوا في لجنتين من اللجان المتخصصة في هذه المنظمة وهما: لجنة أسواق أفريقيا والشرق الأوسط، ولجنة الأسواق الناشئة، والتي من أبرز مهامها التركيز على تطوير وتحسين كفاءة الأسواق المالية، والمساعدة في إعداد برامج التدريب وتسهيل تبادل المعلومات ونقل التكنولوجيا وتبادل الخبرات بين الدول الأعضاء."كما أن من المؤمل أن تؤدي العضوية إلى المساهمة في تطوير سوق رأس المال القطري ويشكل حماية أكبر للمستثمرين وزيادة الثقة لديهم، وفق ما صرح به السيد ناصر الشيبي الرئيس التنفيذي للهيئة. وبمثل هذه الإنجازات المتنوعة على مستوى عمل الهيئة وفي أداء البورصة القطرية، فإن الطريق يصبح مفتوحاً أمام المستثمرين للتداول في بورصة قطر سواء المحليين أو من خارج قطر وهو ما سيعمل لاحقاً على زيادة أحجام التداولات، ومن ثم يُنعش مؤشرات البورصة ومستويات أسعار الأسهم فيها، بما يخدم مصالح المستثمرين، وبما يعود بالفائدة على الاقتصاد القطري ككل.