27 أكتوبر 2025
تسجيللقد ظل تقسيم الأقصى والاستيلاء عليه لبناء الهيكل اليهودي المزعوم على أنقاضه حلما يراود العدوان الصهيوني الاحتلالي وهدفا بعيدا يراود كل حكوماته منذ استحدثت بريطانيا ودول الغرب هذا الكيان على أرض فلسطين.. وبحسب " بن غوريون " وهو أول رئيس وزراء ومؤسس للكيان ف« لا معنى لإسرائيل من دون القدس ولا معنى للقدس من دون الهيكل » كما أن آخر استطلاع شعبي للرأي العام في الكيان منذ أيام رفض قرابة %75 من الإسرائيليين التنازل عن القدس الشرقية وعن غور الأردن في سياق أي تسوية سياسية، وكشف عضو عربي في ( الكنيست ) عن نية الصهاينة طرح مشروع في ( الكنيست ) يقضي بتقسيم زماني ومكاني للمسجد الأقصى.. وأقول :هذا الحلم قد بدأ يتجسد واقعيا وهاهي الأخبار التي تتناقله تغص بها الصحافة الصهيونية وغير الصهيونية بما يشي بقصد تطويع وتطبيع ذهنيتنا على توقع وتقبل ما يجري فمن عناوين الصحافة الصهيونية في الأسبوع الماضي " رئيس الوزراء يقود حملة عسكرية على الأقصى من مرحلتين "، (الكنيست) سيعقد جلسة خاصة لمناقشة مقترح سحب السيادة الأردنية على المسجد الأقصى ".. ومن الأخبار في صحفنا " شرطة الاحتلال تعتدي بالضرب على النساء عند باب السلسلة وتقتاد عدداً منهن إلى مراكز التحقيق "، " نكبة جديدة للأقصى وهي الاعتداء الأكبر منذ 1969 "، " وزير الزراعة الإسرائيلي أوري أرئيل يقتحم برفقة العشرات من المستوطنين وعناصر جيش الاحتلال باحات المسجد الأقصى "، " سجلت إحصاءات هذا العام أن أعداد المستوطنين الذين اقتحموا المسجد الأقصى حتى نهاية شهر أغسطس الماضي وصل إلى 10 آلاف مستوطن "، " مؤسسات العدو تنشط في عمل برامج دعائية عن الهيكل المزعوم وتصوير القدس مدينة صهيونية خالصة لليهود "!الجدير ذكره هنا أن جملة الشعب الصهيوني صاروا يلتقون على هدف السيطرة على الأقصى ولم يعد بينهم فرق حقيقي من جهة الاعتداء والاستيلاء فلا يسار ولا يمين ولا متطرفون ولا معتدلون يختلفون على هذه الوجهة الاستراتيجية، ف" يوسي بيلين " الذي يعتبره البعض ( حمامة سلام ) وصاحب وثيقة جنيف الشهيرة مع أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير سابقا " ياسر عبد ربه " يرى أن جبل الهيكل ( أي جبل المسجد الأقصى ) بالنسبة لليهود بمثابة مكة أو الكعبة بالنسبة للمسلمين!!أعتقد أن التساؤل عن سبب هذا التطور في فعل العدو ومحاولاته حسم هذا الملف بهذه السرعة يغني عنه النظر في حال من يجب أن يعترض ولكنه لا يعترض ومن يجب أن يتحرك في حين أنه لم يتحرك ويبدو أنه لن يتحرك.. ذلك يشي بأن مؤسساتنا الفلسطينية والعربية والإسلامية الرسمية والشعبية والنخبوية في عالم آخر.. وهو ما فهمه العدو منهم وربما اتفق معهم عليه.. ولنا أن نتساءل..أين مراكز التوجيه والتأثير الإعلامي الوطني والقومي ومراكزنا الثقافية لتجعل الاعتداء على المسجد الأقصى كالاعتداء على الأزهر بالنسبة للمصريين، والاعتداء على المسجد الأموي بالنسبة للسوريين، والاعتداء على المسجد الحسيني في عمان بالنسبة للأردنيين، والاعتداء على الكعبة والمسجد النبوي وقباء بالنسبة للسعوديين، ومسجد كذا وكذا للتونسيين والمغاربة والعراقيين والباكستانيين؟ وأين مؤسسات " الجعجعة " بلا طحين التي عشنا دهرا نظنها شيئا مذكورا وعلى أمل أن تقول شيئا في مثل هذا الحال؟ ولماذا لم نعد نسمع حتى جعجعتها؟ أين لجنة القدس العربية؟ وأين منظمة التعاون الإسلامي؟ وأين جامعة الدول العربية وأمينها العام؟ وأين النظم العربية والإسلامية كل باسمه وذاته واعتباره وبالأخص الذين يقيمون علاقات رسمية عالية وتطبيعية مع الكيان ثم يبررون الاستمرار فيها بأنها لحماية الحقوق ومنع العدوان؟ وهل لإعادة السيسي فتح السفارة الصهيونية في القاهرة علاقة تزامن مع هذه التطورات؟لكن الأليق موضوعيا أن نسأل : أين القيادة الفلسطينية؟ وأين الذي جمع لنفسه رئاسة المنظمة والدولة والسلطة؟ وأين هذه السلطة وأين إعلامها؟ وأين توقيعها على وثيقة محكمة الجنايات الدولية؟ وأين ما تسميه المقاومة السلمية؟ وما قيمة اعتراف الأمم المتحدة بها وما تتفاخر وتتفاصح به من الصداقات إن لم تستثمره الآن؟ فإن قلنا هؤلاء في سبات وغياب وكثير منهم أو كلهم في ضياع وربما في مؤامرة تمرير آثم – إلا ما رحم الله ممن يعرفهم القارئ ولا أتزلف لهم - فأين الشعب الفلسطيني نفسه الذي كان إذا استشهد عامل في رفح غزة انتفضت له نابلس والخليل وجنين في الضفة؟ وأين الشعوب العربية والإسلامية؟ وأين النخب والمثقفون والسياسيون والإعلاميون؟ وأين الجامعات وطلابها وأين الخطباء والكتاب وأين الفضائيات وحملاتها وبرامجها؟آخر القول : لقد عودنا العدو الصهيوني أنه لا يرتدع ولا يرتجع إلا إن قرعت له العصا وإلا إذا صمدنا له.. وأن الخوف منه والالتواء أمامه ومجاملته تزيد غروره وإغرائه بالمريد من العدوان.. فإن قصرت مؤسساتنا ونظمنا فلا أقل من أن لا نسجل على أنفسنا عار القصور عن الممكن وهو كثير لو تأملنا وأكثر من الكثير لو أردنا!!