16 سبتمبر 2025
تسجيلالإسلاميون يرغبون في حياة مدنية ديمقراطية مستقرة عزيزة في ظل ( دولة إسلامية ) وهذه رغبة مبررة بالنظر لما تعانيه الأمة من فقدان هوية واختلال توازن منذ إسقاط الخلافة الإسلامية وقبل ذلك عندما وقعت هذه الخلافة في مثلث الموت والاستهداف والتخلف لعقود كثيرة.. نعم الإسلاميون يغريهم استرجاع الخلافة، ولكن ثمة مشكلات..فبعض الإسلاميين - كداعش - صاروا كالثور في حلبة مصارعة الثيران، وصار شعار إقامة الدولة الإسلامية بالنسبة لهم كالخرقة الحمراء في يد مصارع الثيران القاتل.. فراحوا تحت وهم أنهم أقاموا الدولة الإسلامية يغرقون في اللحظة المصنوعة لهم وفي معادلاتها غافلين عن محددات وظروف هذه الدولة وعن خدع السياسة وعما تمكره بهم نظم الطائفية في سوريا والعراق وإيران.. وغافلين عن توقع ردّات فعل الغرب والشرق وحتى البيئة الشعبية الإسلامية على ذلك.. ولو أنعموا النظر في حجم المشروع الذي يسعون إليه لحافظوا على معادلات الانطلاق ولظلوا جزءا من الثورتين السورية والعراقية وواجهوا المخاطر بين الجميع ومع الجميع.. ولو فعلوا ؛ لوجدنا الكثير من الأمور تصب في صالحهم لا في صالح أعدائهم كما نرى ! بعض آخر من الإسلاميين - كحزب التحرير الإسلامي - ظلوا يدورون حول هدف إقامة الخلافة الإسلامية ويتعاطون معه كأحلام وكأمنيات وكشعار ألهاهم عن الكثير من حقائق الواقع وعن الأخذ بالأسباب وبما يسمى " قانون السببية " فإن تحدثوا على الأسباب الجدية وعن صناعة الظروف المناسبة لتحقيق هذه الغاية وعن الإعداد التفصيلي والتواصل المجتمعي وتذليل العقبات لأجل ذلك وعن إقناع المخالفين وعن التحالف مع بقية الإسلاميين وعن تطوير خطاب وطني مدني عملي حياتي وحضاري.. إلخ.. لا تجد عندهم إجابات رزينة وعميقة، ما جعلهم بعد سبعين سنة من النشأة والانطلاق لا يزالون في لحظة التمايز والجدال النظري ومعيقات الخصام. . وبذات المنظور نلحظ منزلق الإخوان في مصر إلى ما هم فيه اليوم.. فإمكانية قيام دولة الإسلام التي يحلمون بها حملتهم على أن يستبدلوا منهجية الانتشار التدريجي والاستثمار في التربية وتوثيق العلاقة بالحاضنة الشعبية والصداقات الوطنية والشراكات السياسية بالثقة في الجيش وبالمراهنة على وطنية وثورية الليبراليين والعلمانيين والناصريين والطارئين على المشهد.. وما مصابهم إلا في إغراء الدولة الإسلامية. . في مقابل ذلك فإن الثورة التونسية واليمنية وإلى حد ما الثورة الليبية ؛ كان جوهر النجاح فيهن أن الإسلاميين تريثوا في مسألة إقامة الدولة الإسلامية وأوجدوا معادلات شراكة وطنية أوسع من وحدانية وخصوصية الفكر.. ما نقوله هنا وما نسوقه من شواهد على أنها أخطاء الإسلاميين واستغلالات خصومهم ليس مقصوده أن لا تكون إقامة دولة الإسلام هدفا وغاية على طريق المشروع الإسلامي، ولا يعني أن يقبل الإسلاميون بالانضواء والانطواء في ثنايا أعداء الإسلام، ولا أن يفقد الإسلاميون ثقتهم في إمكانية إقامة دولة الإسلام وتحقيق الأمل الموعود.. ولا ما يفعله بعض الإسلاميين المسطحين الذين تركوا الحكم عن آخره لغيرهم وانشغلوا بشكل اللباس وأحكام الطهارة والتدين العاطفي.. آخر القول : لا يجوز في المنطق العقلي ولا في المضمون الشرعي أن تتحول غاية إقامة " الدولة الإسلامية " إلى مقتل للإنجازات ولا أن تكون بأي ثمن، ولا أن تصير مجرد شعار يرفع أو هدف أصم على حساب الإسلام ذاته وإنسانيته وسلميته وحضاريته والإقناع به.. فالله تعالى إنما تعبدنا بالإسلام الذي يستطيعه المسلم في البادية وفي الحاضرة وحتى على سطح القمر.. فعلى الإسلاميين من إخوان وسلفيين وجهاديين وكل من يرى طموحه في إقامة دولة الإسلام أن يتفقوا على الصورة النهائية لدولة الإسلام وأن لا تتحول فرصة إقامة الدولة في أي لحظة إلى مقتل للمشروع ولإنجازات عشرات السنين..