12 أكتوبر 2025
تسجيلالاستعانة بأبناء المنطقة لإنشاء بيوت خبرة وتحليل الأحداث تحدثنا في مقالات سابقة عن أهمية الفترة التاريخية بين 2003 و2019 أي بين الحرب على العراق وإسقاط الطائرة الأمريكية، وما تعنيه هذه التحولات في المنطقة مصحوبة بفشل الانقلاب على الشرعية في تركيا وفشل الحصار على قطر واحتجاز السفينة في جبل طارق، ما هي حصيلة هذه التغيرات والأحداث، وماذا تعني لمستقبل المنطقة اقتصادياً وتنموياً، هل المنطقة مقبلة على تصعيد كما تدعي بريطانيا وأمريكا أم هي مقبلة على استقرار؟، ولذلك هل يستمر المستثمرون الخليجيون في التوجه للخارج في شراء العقارات وإنشاء المحافظ أم أن الوقت قد حان لمراجعة الأفكار القديمة وخلق تصورات حديثة وليدة الأحداث والتحاليل الموضوعية الأخيرة. إن إسقاط الطائرة المسيرة الأمريكية وحجز السفينة البريطانية قد رفع من درجات الأمن في المنطقة وحظوظ التنمية، فالرد السريع والحاسم من قبل إيران حجم أي استفزازات من قبل أمريكا وبريطانيا، وأوقف عمليات التصعيد لأنه لم تعد هناك إمكانيات للتصعيد فحسم نفوذهما في المنطقة، وعليه فإن ادعاءات بريطانيا وأمريكا بالتصعيد لا تنطلي على أحد، يضاف لذلك الصدمة من قبل دول الحصار على أن أمريكا لم ترد على إسقاط الطائرة أو حجز السفينة أي لم تحمِ طائرتها أو السفينة البريطانية، مما دفع دول الحصار إلى تغيير توجهاتهم، ورأينا بدايات التراجع في شكل تفاوض من قبل الإمارات والمرونة التي بدأت تطرأ على موقف النظام السعودي، ما عزز من أمن المنطقة هو تراجع أوروبا عن الدخول في أي حلف أمريكي لا يضمنون تداعياته، فترامب صرح بأن الناتو ليس مهماً بالنسبة لأمريكا وأن على دول أوروبا حماية مصالحها دون أمريكا، وصرح بأن أمريكا ليست شرطي العالم وأن كل بلد لابد أن يحمي الممرات المائية وخطوط التجارة والطاقة، لذلك لم تجد أوروبا أسباباً للثقة بالموقف الأمريكي، خاصة تركيز السيد ترامب على سحب القوات الأمريكية من أماكن الصراع، وهو مقبل على اتفاق مع طالبان، ولذلك فإن الاحتمال الأكبر أن يستمر تضاؤل النفوذ الغربي في المنطقة، مما يبشر بأن مشاريع التنمية مستقبلاً لا تدين للخارج ولا للنفوذ الخارجي، فمردودها وطبيعتها تخدم المنطقة، لذلك السؤال الآن متى يكون الاستثمار في دول المنطقة والدول المجاورة مثل إيران وتركيا ودول المحيط مجدية؟ خاصة أن عملاتها عانت من الضغوط الأمريكية وأسعار أصولها عانت بنفس المقدار، وهذا يعني أنها قد تكون أفضل اللحظات التاريخية للاستثمار، بدل الاستمرار في الاستثمار في الأسواق الغربية، دول المنطقة واقتصاداتها تحتاج الكثير والكثير من الاستثمارات وإن صحت نظرتنا للأوضاع في المنطقة والعالم، فإن المردود على استثماراتنا سيكون هو الأفضل على مدى عقود، ويحسن من نفوذنا وعلاقتنا مع دول الجوار وهي علاقة مستدامة وعلاقات جوار وعلاقات تاريخية، تضمن استدامة تلك الاستثمارات وتحسين البيئة الاستثمارية وتعزيز أمن المنطقة التي تدعم علاقات دول المنطقة، ما يدعم هذا التوجه في بعد آخر هو الربيع العربي الأول والربيع العربي الثاني، والذي يشي بتحرر الشعوب العربية، أي تحقق المساءلة في المستقبل وكون مرجعية مشاريع التنمية وطنية، لذلك فمن المتوقع ولو بعد حين وحين أن تستتب الأمور وينحسر النفوذ الغربي أكثر، وهيمنة المصلحة الوطنية، أن تتفتح الفرص في الوطن العربي أكثر وأكثر، ويملك الوطن العربي من الفرص الاستثمارية ما لا يملكه اقتصاد آخر أو مناطق جغرافية أخرى، لذلك أخذ التطورات الإقليمية والعالمية في تصوراتنا واجبة لمنفعة شعوب المنطقة، والاستعداد لمثل هذه التطورات دون أن تفوتنا الفرص ولعدم التأخر في دعم اقتصادات المنطقة، هذا سيحتاج الكثير من المراجعة ومعظم المؤسسات الغربية لا تملك المعرفة أو الاطلاع ولا تفهم ثقافات المنطقة ولا مجتمعاتها، ولذلك فقد حان الوقت للاستعانة بأبناء المنطقة في إنشاء بيوت خبرة قادرة على قراءة الأحداث وتحليلها لصناع القرار. مرحلة تاريخية قادمة هل ستفوتنا أم سنكون على أهبة الاستعداد.