30 أكتوبر 2025

تسجيل

الاغتيالات السياسية تهديد للمستقبل اليمني

18 أغسطس 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); حين يدخل العنف واستخدام السلاح في خط الصراع السياسي فإن أضراره تضرب الدولة والمجتمع معا، فالميليشيات التي تتحرك علنا تتولى مهمة إسقاط الدولة بأجهزتها ومنطقها وقانونها، وفرق الموت الخفية تقوم بإخضاع المجتمع عبر عملياتها القذرة وعلى رأسها الاغتيالات. تحصل الاغتيالات في الغالب في سياق خطة معدة سلفا لتأمين مستقبل قوى لا تؤمن بالعمل السياسي ولا تحترم أدواته وتشعر بعجز عن المنافسة الديمقراطية ولضمان سيطرتها دون أن تكون بحاجة لخوض انتخابات تقوم بتصفية كل العناصر السياسية المتوقع منها النشاط الاعتراضي ومعارضة التوجهات الاستبدادية والشمولية تلك. الاغتيالات التي تطال في الوقت الحالي قيادات إصلاحية هي وإن كانت تضرب بجدار الحزب وبينه القاعدية التي تتحرك فوقها وبها السياسة الإصلاحية إلا أنها في حقيقتها تمثل ضربات موجعة للمجتمع الذي سيجد نفسه أعزل ومعزول عن معادلة الحكم وغير قادر على التعبير عن مطالبة إذا ما استمرت عجلة الموت تحصد عناصر قوته فالسياسيون ليسوا سوى تعبير عن حيوية وقدرته قبل أن يكونوا تعبيرا حزبيا وخاصا بالإصلاح. إذا كان الحوثي قد هدد الحاضر حين أسقط أجهزة بقايا الدولة المتراكمة منذ عقود فإن الاغتيالات السياسية تهديد للمستقبل الذي قد نصل إليه ولكن بعد أن يكون قد فقد المجتمع الفعل السياسي إذا لم تتوقف عجلة الموت الخفية التي تحصد السياسيين والسياسة بشكل عام، وهو ما سيتيح للقوى المراهنة على السلاح فرض السيطرة دون اعتراض. هناك تلازم بين الاغتيالات السياسية وبين إضعاف السياسة نفسها فالموت الذي يغيب الشخصيات المؤمنة بالتعايش والحوار يتزامن مع إقصاء الأحزاب وتهميش دورها وتقليص نشاطها وإخلائها من ساحتها التي ستمتلئ بجماعة العنف وتغيب الأحزاب وتحل محلها التكوينات العنيفة. إنه وضع ينذر بكارثة إذا لم يحصل تدخل مخطط له بوعي من قبل السلطة، ففي الوقت الذي يذهب اليمنيون لاستعادة دولتهم قد يفقدون في الأثناء مجتمعهم فالأحزاب السياسية لا تقتصر مهمتها على خوض المنافسة من أجل الوصول إلى السلطة فقط فهي إلى جانب ذلك وقبله تقوم بإعادة بناء النسيج الوطني يشكل طوعي وبدون عنف وإنتاج جيل متحرر من الولاءات الصغيرة ولا يرى بين عينيه سوى اليمن... الأحزاب أطر يلتقي فيها ابن حوف وحوث وتعز وعدن ومأرب كجسد واحد وهذا كله في مهب الرياح في حال استمر تجريف السياسة وأحزابها بالشكل الذي يحصل في المناطق المحررة. ولمواجهة هذه الظاهرة يجب الضغط الكبير من أجل استعادة الحياة السياسية فاعليتها وأكثر مما كانت عليه قبل الانقلاب كترجمة لأهداف النضال التحرري الذي يخوضه اليمنيون فوق كامل التراب اليمني. هذا الموقف الصلب هو الذي سيعكس ما إذا كانت قد تشكلت لدى النخب اليمنية ثقافة سياسية تفرق بين التهديد الذي يلحق بِنَا ضررا جزئيا وبين تلك التهديدات التي تضرب اليمن مجتمعا ودولة.