02 نوفمبر 2025

تسجيل

تلاعب مقاولي البناء (2)

18 أغسطس 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الغش في البناء ظاهرة خطيرة جداً تتعلق بضميرالمقاول وأخلاقياته، وعلى صلة بتربيته وبيئته التي احتضنته في مراحل صباه وشبابه، والمدارس التي تلقى فيها علوم الحياة ومستلزماتها. عند البعض من المقاولين تتراجع المهنة بأخلاقياتها على حساب الغش، للوصول إلى تحقيق أرباح أكبر، وإن كانت غير مشروعة باقتراف مخالفات وتجاوزات بدأ عدد من المقاولين بتوسيع رقعتها من خلال تلاعبهم في بعض مراحل عمليات البناء والغش بالمواد لتوفير أكبر قدر ممكن من المصاريف المالية. اللافت لمن يطالع ملفات المحاكم، يلحظ ارتفاع نسبة القضايا المرفوعة من المواطنين ضد المقاولين وشركات البناء التي كثرت أعدادها، وتفنّنت بإيقاع أصحاب مشاريع البناء بعقود خادعة دوّنت بنودها بطريقة غامضة، خاصة بما يتعلق بالشروط الجزائية المناطة بصاحب المشروع، بغرض التهرب في حال التأخير في تسليم المشروع في الموعد الذي اتفق عليه الطرفان، أو عدم تسليم البناء بالشكل المتفق عليه من حيث خريطة البناء المعطاة من المكاتبي الاستشارية الهندسية، أو التشطيب النهائي للبناء . ومن مظاهر تلاعب البعض من المقاولين، استخدام على سبيل المثال أنواعا من الحديد التجاري المعاد تدويره، واستخدامهم أدوات ومواد بناء رديئة، في الأعمال الكهربائية، أو الأساسات الخرسانية والسباكة والعزل المائي..الخ، أو استخدام مواد بناء ومنها الإسمنت مخالفة لبنود العقد ورديئة الصنع، فما إن يهطل المطر تظهر العيوب في بعض الأبنية، ومع مرور السنين تتشبع الجدران بالرطوبة فيتساقط الطلاء، ولذا يكون الاستغلال من خلال تجهيز عقود معالمها الظاهرة ما يتمناه المــواطــن، وأمــا الخافي في البنود فهو أعظم. المشاكل بين صاحب البناء وشركات المقاولات لا تقف عند هذه الحدود، فإن بعض المكاتب الهندسية التي يقودها أو تمتلكها شركات للمقاولات من الباطن تغض الطرف عن تجاوزات مقاول البناء ورداءة التنظيم والتنفيذ. لكن أمر التلاعب والغش والتجاوزات يبدأ أولا من المقاولين، وبخاصة غير المتمرّسين، ولا أعتقد أن المكاتب الهندسية يمكنها أن تغامر وتضحي بسمعتها من أجل حفنة من المال، طالما انها حددت واستلمت قيمة أتعابها، فالمكتب الهندسي يجتهد في إخراج خريطة بناء متكاملة تمثّل إضافة إلى المعمار، بالأعمال الكهربائية وأعمال السباكة وتفاصيلها بصورة صحيحة وبأسلوب دقيق وهندسي. إذن أطراف العملية ككل هم المكتب الهندسي الذي يضع مخطط البناء بكل تفاصيله، والمقاول إن كان فردا أو شركة، وصاحب البناء، والبلدية التي تعطي الموافقة عليه. وهناك طرف خاف في العملية، وهي العمالة التي تنفذ مشروع البناء، فالمقاول يفضل استخدام العمالة العادية ولا تختلف كثيراً عن العمالة الرديئة التي نحتاجها أحياناً لإصلاح عطب من بعض الأمور داخل المنزل، إن غياب الرقابة من قبل الجهات المختصة جعلت شركات البناء تعمل دون مصداقية، والأيدي العاملة التي تستخدمها دون الخبرة الكافية، ويقال إن غالبيتهم لا يكونون على كفالة الشركات التي تستخدمهم . وهنا لا بد لجهات الاختصاص في البلديات مراقبة ما يمكن تسميته "المقاولة المتسترة"، وبوضع ضوابط لا يحق للمالك تجاوزها كالطلب بإجراء تعديل تنفيذ بعض الأمور في المخطط، دون الرجوع للمكتب الهندسي لعمل تصميم آخر. إذن لا بد من إيجاد الحلول المناسبة لشركات المقاولات، وعلى الجهات المسؤولة، وزارة البلدية والتخطيط العمراني وغيرها، وضع ضوابط مشددة في هذا الشأن للحد من تلاعب بعض المقاولين، بكفالة وبضمان أعمالهم الإنشائية لمدد معينة يتفق عليها الأطراف ذوي العلاقة تبدأ من تاريخ محضر الاستلام، وبألا تصدر رخصة بناء إلا بإرفاق الرخصة التجارية لشركات البناء والمقاولين.. وإلى الثلاثاء المقبل.