29 أكتوبر 2025
تسجيللتعزيز العزلة الذاتية، وتأكيد الهزيمة الداخلية، يتباكى المنهزمون على الضمير العالمي: أين الضمير العالمي من بشائع وفظائع وجرائم إسرائيل في غزة؟ فعلى مدى أكثر من شهر دك الطيران الحربي الإسرائيلي غزة بلا رحمة وبلا هوادة، وقتل الإنسان ودمر المكان ولم يبق حجرا على حجر في الأماكن التي قصفها، وكانت الجرائم أكبر من أن يتغاضى عنها الإعلام الغربي المنحاز دوما لإسرائيل، أو تتجاهلها الأمم المتحدة التي قصفت مدارسها الإنسانية حين تحولت لملاجئ للأطفال والنساء والعزل.لكننا مطالبون بأن نسأل أنفسنا قبل كل شيء عن ضميرنا العربي والإسلامي، فالجرائم التي نرتكبها ضد بعضنا هي جرائم تجعل من إسرائيل حمامة سلام إذا ما قورنت ببشاعة وفداحة وحجم جرائمنا، صحيح أن المسائل نسبية، وأن الجريمة واحدة، ولكن العالم لا ينظر بنفس المنظار لكل الحوادث، فنظام سوريا تسبب حتى الآن بقتل أكثر من مائة وستين ألف إنسان، وشرد نصف شعبه تقريبا - تسعة ملايين بين لاجئ ونازح، ومئات آلاف الجرحى وعدد غير معروف من المعتقلين والمختفين، ومناوئو النظام من جماعات إسلامية وداعشية لا تقل بشاعة جرائمها عن بشاعة نظام بشار نفسه، وما ارتكبته ميليشيات داعش السنية وعصائب الحق الشيعية وسوات المالكي من مجازر وتصفيات طائفية، لا تقارن مع ما ارتكبته إسرائيل المجرمة، هذا فقط بالشام والعراق على مدى السنوات القليلة السابقة، أما في ليبيا فالاقتتال يدور بين جماعات فوضوية ودينية وقبلية، ويحصد الأرواح ويدمر كل شيء في طريقه، وفي اليمن ارتكب نظام علي عبدالله صالح مجازر مروعة ضد شعبه وباقي الفظائع تكملها القاعدة وعصابات الحوثيين.هذه نماذج تعتبر غيضا من فيض من دمائنا التي تسيل بأيدينا، ومتى ما احترمنا أنفسنا، وحرمنا دمنا، وحاسبنا من يسترخصه قولا وعملا، وأوقفنا تجار الدين السياسي، وسوق نخاسة السياسة التي تتاجر بدمائنا، عندها فقط يمكن لنا أن نتساءل: أين الضمير العالمي من جرائم إسرائيل؟باختصار، الضمير العالمي ليس خادمة استقدمناها من دولة فقيرة لتنظف لنا بيوتنا، والدول الكبرى ليست "صبيانا" عندنا نأمرهم فيطيعوننا، بل تحركهم مصالحهم التي قلما تلتقي مع مصالحنا، وما علينا سوى البدء بوقف نزيفنا بأيدينا قبل أن نطالب المجتمع الدولي بوقف جرائم إسرائيل ضدنا، وما لم نقم بذلك ونبدأ بأنفسنا، فإن العالم لن يصغي لنا، ولن يلتفت لتنظيرنا وردحنا وقدحنا ضد إسرائيل وجرائمها!!