16 سبتمبر 2025
تسجيلحرص الإسلام على أن ينشيء مجتمعاً تحكمه الضوابط الخلقية، فإذا نجحت التربية الخلقية، خلقت مجتمعاً يسود علاقات أفراده الصدق والأمانة، والوفاء والصراحة، وكراهية الظلم، ونصرة العدل، فأي نظام حكم يقوم في هذا المجتمع، يتساوى مع أي نظام آخر، فمجتمع كهذا، لن يقبل أو لن ينبعث من نظام ظالم أو حكومة فاسدة أو حكام تعوزهم القدرة أو الكفاية. وقد لخص الحديث النبوي هذه النظرية الإسلامية إلى الحكم إذ قال «كيفما تكونوا يولي عليكم» لذلك احتفل الإسلام بأخلاقيات الحكم دون نظامه، فعرض على الراعي وعلى الرعية فروضاً يعلم الإسلام أنها من الحكم جوهره، وأنها إذا روعيت استقام شأن الراعي، وصلح أمر الراعي، فإذا أهملت وقفت النصوص، الرعية ومعها البنادق والمدافع، والمحاكم والسجون عاجزة لا تقدم خيراً ولا ترد شراً. فقد روى لنا تاريخ بريطانيا مثلاً رائعاً، فقد فشت في لندن منذ قرون جريمة «النشل» حتى أصبحت خطراً داهماً هدد أمن الناس وأموالهم، فصدر قانون بعقوبة الموت شنقاً، على كل من يرتكب هذه الجريمة، ونفذت عقوبة الشنق علناً، فتزاحم الناس في الميدان الذي أقيمت فيه المشنقة، فانتهز النشالون الذين لم يضع القانون يده عليهم، فأعملوا أصابعهم الخفيفة ومشارطهم السريعة في جيوب المشاهدين، فنشلوا في 60 دقيقة ما كانوا يعجزون عن نشله في أيام. وليس في الوسع أن نسرد القانون الأخلاقي الذي فرضه الإسلام على الراعي، ولكن نستطيع أن نضرب بالدستور مثلاً: قاد النبي صلى الله عليه وسلم «من ولى أمر الناس شيئاً فاحتجب عن أولى الضعف والحاجة، احتجب الله عنه يوم القيامة». وأمر الإسلام الولاة أن يحسنوا اختيار أعوانهم، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم «من استعمل رجلاً من عصابة وفيهم من هو أرضى الله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين». قال صاحبي: قد تسأل: ومن سيقوم بتربية ضمير الشعب، ليكون له هذا الخلق القوي، ثم ليسهر عليه ينميه، ويمنع عوادي الزمن عليه؟ قلت: الجواب عن هذا أن الله فرض على جماعة المسلمين أن يكون منهم دائماً طائفة يدعون للخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فإذا نسيت الجماعة ذكروها، وإذا صلحت أعانوها، وإذا خافت قووا إيمانها، كما تقوى سورة «العصر» الجانب التربوي عند الناشئة، لأنها ذات معان إرشادية تتلخص فيها المعاني التربوية التي تمكن طائفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أداء عملها مستقبلاً.. وبتواصيها بالحق وتواصيها بالصبر لإحقاق الحق. هذا وبالله التوفيق