31 أكتوبر 2025

تسجيل

وقفة هادئة مع قمّة التضامن الإسلامي

18 أغسطس 2012

قِمّةُ مكة للتضامن الإسلامي التي استضافتها مكة المكرمة كانت قِمة استثنائية بحضورها وتوقيتها ومكان انعقادها في هذا الظرف العصيب الذي تمر به الأمتان العربية والإسلامية، إذ إن المنطقة برمتها تعيش على مفترق طرق، والتحولات التي تعيش مخاضاتها الدول العربية، فيما أطلق عليه الربيع العربي هي مرحلة حساسة تمر بها المنطقة منذ أكثر من قرنين وفقاً لما يقول "كيسنجر تركيا" أحمد داوود أوغلو وزير الخارجية.. القمّة مهمة للغاية بكل ما فيها، لكن لا أريد أن أكيل المديح لها، فقد زخرت بذلك كثير من الصحف العربية، كما أني لا أريد أن أبخسها حقّها، لأن أي اجتماع أو دعوة للحوار وأيّ لقاء يقرب بين وجهات نظر الزعماء ورؤساء الدول المسلمة هو أمر مطلوب ينبغي دعمه، إلا أن ذلك لا يعني بحال من الأحوال التنصل من حقيقة المشكلة التي تمرّ بها أمتنا العربية والإسلامية أو القفز فوق التحديات التي نعيشها لنعالج مشاكلنا بكثير من الأحلام والرغبات والدعوات والمناشدات وهو حال، حقيقة، غالبية قممنا العربية والإسلامية.. الوجه اللافت في الحضور كان الرئيسَ الإيراني أحمدي نجاد.. فتلبيتُه للدعوة أثارت التساؤلات أكثر من الإجابات، لأنه كان من السهل أن يعتذر عن الحضور كما كان الحال عند تأزم العلاقات بين البلدين في السابق.. فالخلاف القائم اليوم بين طهران والرياض يطغى على أيِّ تقارب بينهما، إذ إن الملفات المختلف حولها لا تعدّ، ويكاد تندر الملفات المتفق عليها بين البلدين، ولعل الخلاف حول سوريا، الحاضرة الغائبة في القمّة، أوصل البلدين إلى حدّ، وُصف بأنه حربٌ بالوكالة، حربٌ على سوريا، وحربٌ في سوريا بين كل دول العالم بما فيها الدول العربية من ناحية، وبين إيران والنظام السوري وحلفائهما في المنطقة من ناحية أخرى، فإيران ترى أن العالم يتآمر على سوريا لموقفها المقاوم والممانع، وأنه لا ثورة هناك، وإنما جماعات من المرتزقة والجهاديين القادمين من دول الخليج في حين ترى أغلب دول العالم أن انتفاضة وثورة تقمع بكل وسائل القتل والتنكيل، وأنه في الوقت الذي ينبغي أن تقف فيه إيران إلى جانب المظلوم والمعتدى عليه انسجاما مع مبادئها الإسلامية التي ترفعها تعمل نقيض ذلك في الوضع السوري. أجندةُ القمة عديدة.. ملفاتٌ عجزت عن حلّها منذ نشأتها في العام 1969 م. فهل يعقل أن تحلّها في يومين؟ من فلسطين التي سُرقت بأرضها وتاريخها وهجّر شعبها، ولا يزال يعيش لجوءًا بعد لجوء، إلى الصومال التي طحنتها الحروب الأهلية والاقتتال بين حكومات متعاقبة وقوافل المجاهدين القادمين من دول العالم وأُممها، مروراً بأفغانستان الغارقة في صراع الأيديولوجيات، والإرادات الدولية وصولاً إلى مسلمي الروهينجا الذين يذبحون كالنعاج في بورما على مسمع ومرأى من الجارة بنجلاديش التي بخلت عليهم بالحماية واللّجوء، فضلاً عن صمتها المريب والمدان تجاه ما يصاب هؤلاء من ويلات مزمنة، ولولا قدوم وفد تركي رسمي، وبكاء زوجة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمام عدسات الكاميرات أمام هول ما يصيب هؤلاء المساكين لما علم أحد أن مسؤولاً في الدول الإسلامية قد زار هؤلاء و"طبطب" على جراحاتهم. أمّا الدّعوة لتأسيس مركز للحوار بين المذاهب فهو أمر مشكور ومحمود، وتأخر كثيراً، إلاّ أنه من الخطورة اختزال الحلول لما نعانيه من تأزم طائفي ومذهبي في إنشاء مركز للحوار بين المذاهب لا يحضر إليه سوى من هو مؤمن بفكرته ومشروعه، فالخلاف الناشب بين الدول الإسلامية هو سياسي بامتياز، وإن تترّس أهله أو تسلحوا بالدّين والمذهب.. ندعو للقمّة بالتوفيق، ونتمنى أن تأتي القمة القادمة وحال الأمة أفضل.