13 سبتمبر 2025
تسجيللو أدرك الحكام العرب وخاصةً المستبدين منهم أن خاتمة عهدهم ستكون مثل مصير الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، ممدداً على سرير طبي متحرك خلف القضبان الحديدية، لنبذوا حكم الفرد، والحاكم المطلق الملهم المتجبر والمتسلط، ولما أقدموا على قهر وقمع وقتل شعوبهم وإذلالهم، ولما اتخذوا من الفساد والإفساد ديدنهم في فن السلوك السياسي، لانتفضوا مسرعين إلى إطلاق الحريات وبسط العدالة والمساواة والشورى والشرف والنبل، وغيرها من جلائل الأعمال التي تجعل من الحاكم محبوباً ومهاباً. مثول الرئيس المنحى حسني مبارك أمام محكمة جنايات القاهرة في مقر أكاديمية الشرطة بالقاهرة يمثل مشهداً مؤثراً وعبرة لمن يعتبر.. فالرئيس الذي كان يحكم بقبضة حديدية قبل عدة أشهر يحاكم الآن بمواجهة 10 اتهامات بقتل المتظاهرين و11 بالفساد المالي. حضر مبارك إلى المحكمة من مستشفى شرم الشيخ بواسطة طائرة طبية، وأدخل قفص الاتهام الموحش.. ونادى القاضي على مبارك فرد قائلاً: "أفندم أنا موجود" وحين سأله القاضي: ما قولك في التهم المسندة إليك التي تلاها قرار الاتهام؟ رد مبارك بقوله: "كل هذه الاتهامات أنا أنكرها كاملة"، الرئيس المخلوع مبارك ليس الرئيس العربي الوحيد الذي واجه ظروفاً مماثلة تجسد على نحو مخز سوء الخاتمة، على الأقل في الحياة الدنيا، فالرئيس العراقي السابق صدام حسين، الذي ملأ الدنيا وشغل الناس، ألقت القوات الأمريكية القبض عليه مختبئاً في حفرة هرباً من القوات الأمريكية ومما اقترفته يداه من بطش وتنكيل وتعذيب لبني وطنه، وبعدها تم إعدامه شنقاً وتشنيعاً ! وبعيداً عن الوطن العربي، فإن الرئيس العاجي لوران غباغبو المتشبث بالسلطة والذي رفض تسليم السلطة لغريمه الحسن وتاراه في انتخابات نوفمبر 2010، قد تم إلقاء القبض عليه واقتيد إلى محبسه ملوماً مدحورا. وبعيداً عنا، وما وراء البحار، فقد واجه الرئيس البنمي مانويل نورويغا مصيراً بشعاً حيث غزت الولايات المتحدة الأمريكية بلاده، ثم ألقت القبض علية وأودعته أحد سجونها المقفرة لقضاء فترة عشر سنوات من عام 1990 إلى عام 2010، لإدانته بتهم الاتجار بالمخدرات وتبييض الأموال. وتم نقله بعدئذ إلى فرنسا التي كانت قد حاكمته غيابياً بنفس التهم. والآن أصدرت فرنسا مرسوماً يقضي بترحيله إلى بلاده لمواجهة اتهامات تختص بحقوق الإنسان، وقد وعدت بنما من جانبها بتوفير زنزانة ملائمة لرئيسها الأسبق الذي يعاني من صعوبة في المشي! ومع كل هذه العظات والعبر، ترى كيف يكون مآل الرئيس اليمني صالح الذي اصطلى وجهه وجسده بحمم ونيران من أذاقهم مر العذاب وممررات الأذى والموت الزؤام؟ والعقيد الليبي الذي فقد أحد أنجاله في الحرب الضروس التي شنها بلا هوادة ضد شعب أعزل لا يروم إلا العدل والحرية والنماء. والأسد "الهصور" هل لا يزال يتسلى بمشاهد الدم المسفوك في: حماة وحمص ودرعا وبلدات وريف دمشق الصبورة؟ القرارات والمراسيم الرئاسية التي أصدرها الأسد مؤخراً لم تجده نفعا في ظل جحافل الجماهير السورية الهادرة التي تطالب بإسقاط ومحاكمة النظام. لقد أطلقت الثورات العربة آمالاً جديدة وواعدة في إصلاح الأنظمة العربية المستبدة التي أدت سياساتها الخرقاء إلى حرمان المواطن من أبسط ضرورات الحياة في عصر ما بعد الحداثة. ألم يحن الوقت للزعماء العرب الذين لا يزالون يقاومون تيار الثورات الجارف أن يتوبوا توبة نصوحا ويتضرعوا إلى المولى تعاظمت قدرته أن يلهمهم جادة الصواب وحسن الخاتمة؟.